كاتب سعودي
تعرفون قصة الأعرابي الذي كان متجها إلى إحدى البلدات فوجد قطا واصطاده وكان لأول مرة يرى هذا الحيوان الأليف ولا يعرف اسمه، فسأل أحد المارة: ما اسم هذا؟ فقال له: قط، ثم سأل آخر السؤال ذاته فقال له: هر، فسأل ثالث لترجيح أحد الاسمين فقال له: بزون، ورابع قال له: بس، فظن أن هذا الحيوان غالي الثمن لكثرة أسمائه فذهب إلى السوق كي يبيعه فلم يجد من يشتريه حتى أشفق أحد المارة على القط وعرض شراءه بدرهم واحد، فغضب الأعرابي وأطلق سراح القط وهو يقول: قاتلك الله ما أكثر أسماءك وما أقل ثمنك!.
ومن هذا المنطلق أشعر دائما بشيء من التوجس كلما تابعت أخبار مؤسسة تغير أسماءها بصورة مستمرة مثلما حدث مع الصندوق الخيري الذي خصص لمعالجة مشكلة الفقر حيث كثرت أسماؤه وانعدمت فائدته مع مرور الزمان.
وبالأمس أعلن وزير الإسكان عن تحويل صندوق التنمية العقارية إلى مؤسسة تمويلية قادرة على تقديم الأدوات المالية، ونسأل الله أن لا تكون هذه الخطوة الجديدة دوامة جديدة تضيع في وسطها المزيد من السنوات دون وجود حل حقيقي ومؤثر لأزمة الإسكان التي يعاني منها الكثير من المواطنين، فمن المعلوم أن وزارة الإسكان منذ إنشائها وحتى يومنا هذا لم تقدم مشروعا سكنيا واحدا من مشاريعها المعلنة، وإذا كانت هذه التسمية الجديدة سوف تعجل علينا بتسليم البيوت على المواطنين فليتغير اسم الصندوق شهريا، أما إذا تحولت التسميات إلى وسائل مبتكرة لكسب الوقت وإلغاء الخطط السابقة والبدء بخطط جديدة يتم إلغاؤها لاحقا فهذا هو (التخبط) بعينه والذي لا يمكن أن يقبل اسما آخر مثل قط الأعرابي.
أما الخوف الأكبر فهو ينبع من كون صندوق التنمية العقارية هو الشيء الوحيد الذي لا زال ينبض في مسيرة حل المشكلة الإسكانية، وقد تأتي التسمية الجديدة كمقدمة للتحول من سياسة التمويل المباشر للمواطنين من أجل بناء وحداتهم السكنية إلى التمويل للمطورين العقاريين ثم الدخول معهم في إشكالات غير متوقعة فيضيع الصندوق بين حانا ومانا.
باختصار لا يهم اسم القط مادام قادرا على المواء ولا عزاء للأعرابي الذي اكتشف أن صيده ليس ثمينا.. وكذلك لا يهم اسم الصندوق العقاري فالمهم هو النتيجة وأن يستلم المواطنون بيوتا حقيقية بعد أن قضوا سنوات في حفظ عناوين الخطط الاستراتيجية بعيدة المدى التي يتم تغييرها قبل أن يجف حبرها!.
المصدر: صحيفة عكاظ