جلست قبل أيام مع طلاب جامعة في دبي وتأكدت أكثر أن المعرفة لا تقاس بالأعمار وإنما بالتجارب. “جيل الإنترنت” أكثر انفتاحاً على العالم من الأجيال التي سبقته. أدوات المعرفة و”مفاتيحها” بين أيديهم. إنهم لا يحتاجون تأشيرة دخول من أجل الاطلاع على معارف الآخرين وتجاربهم. الأهم من قدرتهم على معرفة ما يحدث في العالم، من حراك اقتصادي وتقني وثقافي، إنهم اليوم قادرون على التواصل الإيجابي فيما بينهم. منظومة “قيم” جديدة تتشكل وفقاً لتجاربهم. معايير “الصح” و”الخطأ” لديهم ليست بالضرورة هي ذاتها تلك التي تحتكم لها الأجيال السابقة. الأبناء اليوم –في حالات كثيرة– هم من يُعلم الآباء ويشرح لهم متغيرات الزمن وتحولاته! أنا شديد الحرص على الالتقاء كثيراً بطلاب الجامعات ومن يصغرهم. دائماً أكتشف معهم ومن خلالهم أننا أمام أجيال مقبلة تبدو أكثر تصالحاً مع ذواتها وأكثر انفتاحاً على لغة العصر، وأقدر على التواصل مع أقرانهم من كل بقاع الأرض. أتعلم منهم أكثر مما يتعلمون مني. ومن خلالهم أستطيع قراءة بعض ملامح المستقبل. والأجيال المقبلة غالباً ستتعاطى بكثير من الأسئلة المهمة مع كثير من المفاهيم، التي نتعامل معها نحن كما لو كانت “مقدساً” لا يمكن المساس به. هذه الأجيال لن تكون أسيرة “الوصاية الأبوية” في نظرتها لنفسها وللعالم من حولها. ولهذا هي ضرورة –ملحة جداً– أن تتاح منابر التواصل والحوار المتكافئ بين الأجيال، في المؤتمرات والفعاليات العربية. صوت الشباب –اليوم وكل يوم– نافذة على المستقبل وطريق إليه. نحن –بالتواصل مع الأجيال التي تصغرنا– نتعلم أكثر ونطل عبرهم على مستقبل ربما لم يخطر لنا ببال!
فعلاً: تعلموا من الشباب!
نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (٤١) صفحة (١٥) بتاريخ (١٤-٠١-٢٠١٢)