مشاريع مدرسية يلفها الغموض والارتياب حول أهميتها من ناحية الكم والنوع، تتأرجح ما بين تصميم هندسي وصولاً بجلب حيوانات أليفة، وانتهاء ربما باصطياد الحشرات وغيرها من الطلبات، التي تغرد خارج سرب المنظومة التعلمية الأساسية داخل أروقة المدارس، ترهق جيوب أولياء الأمور وترفع مستوى الأعباء الملاقاة على أكتاف الأمهات، اللواتي بتن يترقبن ورقة الواجبات المنزلية اليومية، وفى القلب غصة، يغلفها الخوف والارتياب حول المهام التي لن ينجزها الطالب لصعوبتها التعجيزية، وعلى الأمهات، وحدهن، تحمل المسؤولية، ودخول سباق الأفضلية، في ما بينهن، إرضاء للمدرسة، وحفاظاً على مشاعر أبنائهن، فأي نوع من التعليم هذا؟
فى السياق تقول نهي الكسواني: تضرب المدارس رقماً قياسياً كل عاماً في غرابة وكثرة المشاريع التي تفرضها كونها واجبات مدرسية تحسب من أعمال السنة الدراسة للطالب، إن مثل هذه الطلبات لها جانب سلبي وآخر إيجابي فبالنظر لسلبيتها أولاً تعتبر هذه طلبات تعجيزية من الطلبة خاصة المراحل الصغيرة السن، ثانياً أنهم يقتطعون وقتاً كبيراً من الدراسة، وراحتهم للبحث عن تلك الطلبات، وهو أمر مرفوض كذلك هناك بعض الأسر لا تستطيع تلبية هذه المتطلبات فإذا كان لديّ ثلاثة أبناء في مدارس مختلفة ومراحل عمرية مختلفة فهو أمر صعب، ويضع عبئاً مادياً على كاهل الأسرة أما عن الجانب الإيجابي، فهناك تعلم البحث عن الشيء وكذلك كسر حاجز الخوف بين الطفل والمطلوب منه.
الصحة النفسية
وتضيف نهى: فى كثير من الأحيان تكون طلبات المدرسين غير منطقية بالمقارنة مع عمر الطفل في مرحلة دراسية ما، ومن البديهي أن أولياء الأمور سوف يقوم بذلك الأمر بدلاً عن أطفالهن، فأين الفائدة المرجوة من ذلك، وأين المنطق في تكرار هذا الموضوع طوال العام الدراسي، فتجد المدرس يطلب أشياء يمكن الاستغناء عنها، بل هناك بعض المدرسين يقولون للطلبة من سيحضر المطلوب له درجات مضاعفة، وفي النهاية نشارك في جميع الأنشطة، ونحضر المطلوب، إرضاء فقط لمشاعر أبنائنا واهتمامنا منا بصحتهم النفسية.
خطة تعليمية
وتؤكد نجاة حسن أن على المدارس تحمّل إنجاز المشاريع المطلوبة داخل الصف وليس كونه واجباً منزلياً، فمن المنطقي أن يتعاون جميع الطلاب في الصف الواحد لإتمام فكرة المشروع كي تعم الفائدة والغاية من طلب هذا المشروع، خاصة أن المصاريف المدرسية، التي يسدد فاتورتها أولياء الأمور سنوياً ليست بالأمر اليسير، فنحن نسعى لحصول أبنائنا على مستوى تعليمي جيد، يفتح لهم أبواباً للمستقبل، من خلال اختيار مدارس جيدة، وقد تكون مكلفة في الأساس، لماذا علينا أن نتعلم أعباء مضافة بحجة أنها تسير مع الخطة التعلمية المتطورة في إشراك الطالب ودفعه لتحمل المسؤولية وإنجاز مشروع متكامل من الألف إلى الياء قد يصل سعره إلى 400 درهم ما بين أوراق ملونة ولوحات مطبوعة ومغلفة بنوع كذا من مكتبة كذا، أمور لا تفيد بالناحية التعليمية بصورة بارزة وواضحة، يتحملها أولياء الأمور، أين الإنصاف والعدل فى ذلك، بل هو انعدام مسؤولية واستهتار من قبل المدرسة والقائمين عليها.
إيجاد توازن
وتضيف نجاة: هناك بعض الطلبات ليس لها داع في وجهة نظري وقد يطلبونها ولا يعرفون لماذا ولكن ليكون لديهم طلبات وأنشطة كالمحارم الورقية والعطور للفصل، وبصراحة هذا على النقيض تماماً للدراسة على أيامنا، حيث كان المدرسون حريصيون على إيجاد توازن بين الطلبات والأنشطة والدراسة، فهم يطبقون الدراسة النظرية بصورة عملية جيدة جداً وواضحة حتى يحببوا الطالب في المادة ويستطيع السيطرة على المادة من خلال الاهتمام بالأنشطة الخاصة بها، وإحضار المطلوب منه، بل وأحياناً يأتي هو بشيء جديد وزائد، وهذا أيضاً الحال بالنسبة للجامعة، التي أدرس بها فهي لا تختلف كثيراً في نظمها عن المدرسة، التي كنت بها في الثانوية، حيث الاعتدال في كل شيء.
ميزانية المدرسة
وتقول أميرة الجريري: المكتبة أصبحت بنداً رئيساً على قائمة كل منزل، فهناك زيارات شبه يومية بسبب طلبات المدارس أو المدرسات اللواتي يكن لهن متطلبات زائدة ترهقني مادياً ومعنوياً خاصة أنني أم عاملة ووقتي موزع ما بين العمل ومحاولة تلبية طلبات المدرسة ومتابعة أطفالي تربوياً ودراسياً في المنزل، أصبحت أشعر أن المدارس باتت حريصة على إرهاق أولياء الأمور وكأنها تتعمد إضافة نفقات الطلبات الخاصة على المصاريف الأصلية للمدرسة وكأن هناك بنداً زائداً علينا نلمسه بصفة دائمه، كما أنني أجدها غريبة نوعاً ما وليست منطقية كما يمكن القول إن بها نوعاً من الانتقام إن صح التعبير، يجب على المدارس وتحت إشراف وزارة التربية والتعليم توفير كل متطلبات وكل الاحتياجات ورفع العبء المادي عن عاتق ولي الأمر، وعدم تحمل الطلبة إحضارها وكذلك الحال بالنسبة للمعارض التي تقيمها المدرسة، ويشارك فيها الطلاب بأعمال، فتكون المواد الخام والأدوات متوفرة من قبل المدرسة، ويجب أن توضع لكل مادة ميزانية خاصة بها.
خطة دراسية
وتؤكد هنادي صالح أنها لا تقلل من أهمية المشاريع المدرسية ولا ترفضها تماماً ولكن لا بد من وجود خطة دراسية تسير بالتوازي مع عمر وقدرات الطالب ومهارته المكتسبة بشكل، ولكن على أرض الواقع لا تلزم المدرسة والقائمين عليها بتلك الأهداف والواجبات النفسية والعلمية التي من المفترض أن تنمي ذكاء الطالب منذ الصغر، وتحثه على البحث والتجريب، فالعديد من المشاريع التي صادفتها وأنا أم لطفلتين، الكبرى تبلغ من العمر 9 سنوات والصغرى 3 سنوات، فهل من المعقول أن تبحث طفلة عن شخصية ما على شبكة الإنترنت واستخراج المعلومات المطلوبة بخط يدها على بطاقة ملونة بشرائط، المدرسات يعلمن تماماً أن 90% يقمن بأداء تلك المهمة بالنيابة عن الصغار، لذلك يؤكدن ضرورة أن يكتبوا المعلومات بخطوطهن المتعرجة الغضة.
قدرات ذهنية
وتطالب هنادي بوجود بحوث دقيقة تتماشى مع أهداف ومخرجات التعليم الحديث، الذي يسير باتجاه التعليم المبسط والجذاب الذي يحرض على الإبداع تحت مصطلح «التعليم من خلال اللعب» القائم على فكرة هو استغلال للطاقة الحركية والذهنية في آن عبر نشاط، إما أن يكون موجهاً وإما غير موجه، يقوم به الأطفال لتحقيق المتعة والتسلية بطريقة مباشرة، والتعلم من خلال اللعب مهما تعددت صوره، يعد نوعاً من النشاط الحر الذي يمارسه الصغار أولاً داخل المدرسة من خلال ممارسة تلقائية ولا يقصد من ورائه إرهاق الأهل والطفل بواجبات فوق قدراتهم الذهنية وإن اختلفت أشكاله البرامج والطلبات من سن إلى أخرى.
العمل الجماعي
ومن جانب آخر تقول ياسمين المرشودي: إن المشروع المدرسي ليس لعبة ولا ترفيه ولا بتقليد أعمى، بل هو أسلوب تعليمي جديد يحتاج من المعلم بذل الجهد الفكري والمعنوي فيه أكثر من المادي، يحتاج إلى معلم مثقف واعي مطلع ومتطلع للجديد، الذي يضيف لطلابه الكثير والكثير، وينبغي ألا يربط نجاح المشروع بالتكلف المادي، بل إن البعض يظن ( كلما صرفت أكثر كلما تميزت وهذا خطأ)، فعلى المعلم أن يربي المعلم طلابه على حس العمل الجماعي ويرأب الصدع والخلافات بين المجموعات ويؤلف بينهم، لا أن يوسع الفجوة من خلال عدم احترام الفروق المادية والذهنية، أكثر من 50% من المتطلبات والتحضيرات، التي تكون خلال العام الدراسي غير ضرورية وكثير منها يعد ضمن الكماليات وليس الأساسيات، وأن فيها إرهاقاً كبيراً يقع على أولياء الأمور، هذا إضافة إلى أن كثيراً من الشركات المصنعة أصبحت تتفنن في عرض منتجاتها بشكل مغر يزيد من عملية الجذب لها ويخرجها عن مضمونها وهدفها الأساسي المعد لها أصلاً.
طلبات مرهقة
ترى أمل درويش أن تضاعف المشاريع والطلبات التي تفرضها المدارس سنوياً على الطلبة دون مراعاة للأسر ذات الدخل المحدود هو أيضاً يحتاج إلى وقفة من قبل وزارة التربية والتعليم لتحديد سقف تلك الطلبات، التي تجعلنا نتخبط مئات المرات في سعينا لتوفيرها، ولا سيما في ظل الدخل المحدود للكثير من أولياء الأمور الذين لا بد أن يتوزع شهرياً بين إيجار الشقة ومصاريف المنزل والأولاد، فلكل مرحلة طابعها الخاص الذي نجبر على التكيف معها،تأمين تشكيلة كبيرة منها، ولذلك استغلت شركات القرطاسية هذا الجانب في إنتاج تشكيلة كبيرة ومختلفة الأسعار تجد فيها فرصة للمنافسة الطلاب، فكل يريد الظهور بالمظهر اللائق من خلال مشروعه الخاص والذي بخبرة القائمين على القرطاسية يتكرر في كل عام مع دفعة جديدة من الطلاب، ولكن حتى لو اقتنع ابني أو ابنتي بعدم شراء ما لا يلزم، فلن أرضى أن يظهر أقل من زملائه لأن هذا بلا شك سيؤثر على نفسيته وتحصيله، لذا الوسط مطلوب فلا إفراط ولا تفريط.
معايير اختيار الأنشطة
أكد أولياء أمور أن الأنشطة المدرسية الهادفة يجب أن يتم اختيارها وفقاً للمعايير محدده منها أن تتناسب الأنشطة مع خصائص نمو التلاميذ ( العقلية، والانفعالية، والاجتماعية، والحركية، والبدنية، واللغوية.. إلخ )، وتحقق النمو الشام، وتكون ذات أهداف محددة وواضحة لكل من مدير المدرسة والمدرس والتلميذ وولي أمره، ومستمدة من من أهداف التربية العامة، الى جانب كونها وثيقة الصلة بأهداف العملية التعليمية وبالدراسة داخل الفصل، حتى يجد التلاميذ العديد من الفرص للتعبير عن ميولهم وإشباع حاجاتهم، بما يتناسب مع قدراتهم والفروق الفردية بينهم، وتتسم بالمرونة من الناحية التنفيذية (الجوانب الاقتصادية والزمانية والمكانية.. إلخ)، وتكون قابلة للتقويم المستمر والتقويم النهائي.
تأثير مباشر على الطالب
تنبثق أهمية النشاط المدرسي من قيمته التربوية، التي تتضح من خلال ما يحققه من أهداف العملية التربوية، فهذه الأنشطة لها تأثيرها المباشر على العديد من سمات الشخصية لدى الطلاب، وذلك نظراً لاستجابة تلك الأنشطة للعديد من ميولهم ورغباتهم وحاجاتهم وتأثيرها على اتجاهاتهم، كما أن أهمية تلك النشاطات تبدو واضحة من خلال الاطلاع على نتائج العديد من الدراسات العلمية، التي أجريت على جوانب متعددة من النشاطات المدرسية، والتي أشارت نتائجها إلى المساهمات والآثار الإيجابية للنشاطات على العملية التعليمية والتربوية بشكل عام، وعلى سلوكات التلاميذ بشكل خاص، من خلال أثر إيجابي على احترام الذات والرضا عن الحياة التحصيل الدراسي.
المصدر: البيان