كاتب عمود يومي في صحيفة الوطن السعودية
أنا في كامل الثقة أن في ملف الأخ الكريم، عضو مجلس الشورى، البروفيسور أحمد الزيلعي، من التوصيات للمجلس الموقر ما يجعله أكبر من (زنقة) أن يبدو أمام الرأي العام صاحب توصيتين لبناء مزيد من (الحمّامات) العمومية لستر عورات الشعب أو الأحرى بالاهتمام بأشجار الأراك للعناية بأسنان المواطن. هذه توصيات جانبية هامشية لا تسيء أمام الجمهور لمكانة عضو مجلس الشورى بل أيضاً تختزل صورة المجلس برمته في (لقطة) صغيرة، وهو المجلس الذي لا يحتاج إلى مزيد من الاختزال في عيون ذات الجمهور. بناء حمامات عمومية هي مسؤولية مدير قسم المرافق والخدمات بوزارة البلديات وأشجار الأراك مسؤولية نائب رئيس قسم البيئة المحلية بوزارة الزراعة. نحن رفعنا عماد (القبة) الشوروية لما هو أدهى وأهم من هاتين التوصيتين. وفي جعبتي الخاصة تحليل بالغ الخطورة عن السبب الجوهري في السؤال: لماذا يتحفنا عشرات الأعضاء الكرام بمثل هذه التوصيات؟ لن أكتبه لأن المقام والمساحة أيضاً لن يسمحا.
ولكل الكرام الأعزاء من أعضاء مجلس الشورى سأقول اليوم إن لدينا معهم مشكلة جوهرية من طرفين: الأولى (وقد لا تنطبق المعضلة على الجميع)، أن لدينا مشكلة وطنية في القدرة على صناعة الأفكار التي تصلح بالتحليل والبلورة إلى تحويلها إلى توصية شاملة تعزز مكانة المجلس وأعضائه وترفع من مقامهم في العيون الوطنية المترقبة. لكن صناعة الأفكار تحتاج لشرطين: الأول: قراءة منهجية أكاديمية صرفة ترفع مؤشر الوعي والإدراك، والثاني: قراءة لا منهجية ترصد تطلعات الجمهور وتوجهات الرأي العام. الثانية وهذه قد تنطبق على جميع الأعضاء أن (التمثيل البرلماني) يحتاج لدورات وتعليم وتدريب وهذه مسألة لها عالمها الخاص مثلما لها مؤسساتها العالمية التي تقيم لهذا الغرض بالتحديد دورات تأهيلية وبرامج تدريب وتهيئة إلى طبيعة الوظيفة المتخصصة بالغة الشأن والخطورة. هناك معاهد متخصصة للتأهيل البرلماني ترفع الحرج عن التوصية بالاهتمام بأعواد الأراك حتى لا يطلب زميله من بعده توصية مماثلة بالاهتمام (بأعواد المشمش).
أختم بالإشارة إلى أن (شيخاً) برلمانياًّ مثل باراك أوباما قد انتظم في بضع دورات تأهيل في واشنطن قبل دخوله مبنى (الكابيتول): البرلمان للشعوب هو الخطوط العليا العريضة لا قضايا وتوصيات التفاصيل.
المصدر: الوطن أون لاين