فجر العمل الإرهابي الذي طال المسجد النبوي الشريف موجة من الغضب على نطاق واسع في الوطن العربي والإسلامي، والعالم كافة، وحظي موقع التدوينات القصيرة «تويتر» بالنصيب الأوفر من التصريحات التي استحقت أن توصف بـ«الثقيلة» عبر حسابات لشخصيات رسمية مؤثرة، ورجال دين، ومسؤولين، وإعلاميين بارزين.
ولعل الصورة التي رفضت الانفصال عن المشهد هو حجم التداخل والارتباط بين شخصيات عُرفت بانتمائها إلى ما يعرف بتنظيم «الإخوان» وتأثير الفتاوى التي أطلقتها رموز الجماعة الإرهابية، وأنشطة المنتمين إليها في صناعة الإرهاب والتطرف، والأغرب أن مؤيدي الجماعة الإرهابية لم يخجلوا أو يتراجعوا، بل ولم يبرروا مثل تلك الفتاوى المليئة برائحة القتل والإرهاب، وفضلوا الاستسلام لـ«متوالية السقوط» والوفاء لأسلوبهم المعتاد القائم على التجريح وتلفيق الاتهامات والأكاذيب الهزلية.
ورسمت موجة الغضب من تبرير القتل والتفجير والإرهاب، وماضي المنتمين إلى الإخوان في الدعوة لما صنفوه جهلاً بـ«الجهاد»، صورة واضحة أكدت مدى الانكشاف الذي باتت عليه جماعة الإخوان بعد أن كشف الرأي العام زيف دعواتها وأكذوبة الشرعية والشريعة التي حاولت الالتصاق بها عنوة، وبدا العنوان الأبرز لما شهده موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» هو: دعوات الوسطية تحاكم رموز القتل والإرهاب.
ولعل أشهر التغريدات التي شهدها الموقع كانت تلك التغريدة التي أطلقها سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، رداً على فتوى «القرضاوي» التي أفتى فيها بجواز العمليات الانتحارية، مشترطاً حينها موافقة «الجماعة» على مثل هذه العمليات. التغريدة المدعمة بمقطع فيديو كان لها مفعول فوري بعد ردة فعل بدت «ساذجة» من قبل مؤيدي ما يعرف بـ«جماعة الإخوان المسلمين».
وقال سموه في التغريدة التي نشرها الاثنين الماضي «علينا أن نحاسب من حرض واسترخص دماء البشر، وأجاز العمليات الانتحارية». وأضاف «هل تذكرون تحريم الشيخ الجليل بن باز رحمه الله للعمليات الانتحارية؟ هل تذكرون مفتي الإخوان القرضاوي عندما حرض عليها؟».
وأطلق مغردون وسم «هاشتاج» (القرضاوي مجرم حرب) تضمن مقاطع من خطب الجمعة التي أجاز فيها القرضاوي بوضوح قتل الأبرياء بعمليات انتحارية لإخافة الأعداء، فيما أطلق مؤيدون للقرضاوي والإخوان وسماً مضاداً.
من جهته قال معالي الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية «من بررّ وأفتى بالفتاوي الانتحارية يتحمل مسؤولية ما آلت إليه الأمور، أرواح آلاف الأبرياء أزهقت لأغراض النفوذ والسلطة وتحت عباءة الدين»، وأضاف «تغريدة طارق سويدان تكشف أن (علماء) الإخوان (الكبار) أحرجهم شريط القرضاوي وفتواه حول الهجمات الانتحارية، بدأ الدفاع عن هيراركية».
وتابع معاليه «عليهم أن يتحملوا مسؤولية الفوضى والعنف الذي ساهموا في تأجيجه.. ترويجهم لخطاب التطرّف ورخص حياة الفرد أمام قرار الجماعة سنبقى ندفع ثمنه»، مؤكداً «ارتباط الإخوان التاريخي بالعنف والدموية موثّق ومعروف، والفتوى المبررة للانتحاريين، وغلبة قرار الجماعة على إرادة الفرد في هذا السياق».
وتساءل مغردون عن مدى مسؤولية فتوى القرضاوي عن الأعمال الإرهابية التي وقعت في المملكة العربية السعودية مؤخراً، والعديد من العمليات في مختلف أنحاء العالم، كما تساءلوا عن ماهية تلك الجماعة التي قصدها القرضاوي في فتواه التي نصت على «التفجيرات الانتحارية لا تجوز إلا بتدبير جماعي، فلابد للجماعة أن ترى أنها بحاجة إلى هذا الأمر، فإذا رأت الجماعة أنها في حاجة لأن يفجر شخص نفسه في آخرين يكون أمرًا مطلوبًا، وتدبر الجماعة كيف يفعل هذا بأقل الخسائر».
ودعا معالي الدكتور علي راشد النعيمي أمين عام مجلس حكماء المسلمين، في سلسلة تغريدات على حسابه في موقع «تويتر» إلى الحزم واتخاذ إجراءات صارمة مع الخونة في إشارة منه إلى أعضاء التنظيم الدولي للإخوان، ومؤيديهم في التنظيم السري الإماراتي، وغيرهما من التنظيمات الفرعية للإخوان، مطالباً دول الخليج بنزع جنسيات كل من ثبتت خيانته لوطنه.
وأضاف: علينا أن نُعلي من شأن أمننا الوطني وأن نرسل رسالة إلى الجميع أنه خط أحمر لن نساوم عليه، ولن نتردد في اتخاذ القرارات الصعبة من أجله، لقد ارتضى خونة الأوطان من تنظيم الإخوان أن يتعاملوا مع العديد من أجهزة المخابرات نكاية في أوطانهم وحقداً على شعوبهم.
وغرّد أحمد موسى قائلاً: حتى لا نظلم القرضاوي.. هذه صفحة مصورة من كتابه «بين قرنين» يصف فيها «حزب الله» بـ«البواسل» وأرفق نسخة من صفحة الكتاب والصفحة التي ورد فيها الوصف.
وقالت الإعلامية مريم الكعبي: القرضاوي كان أول من أفتى بجواز العمليات الانتحارية حتى أصبحت فتواه قاعدة يسير عليها السذج ومغسولي الأدمغة.
وقال جاسم المازمي: قد لا يكون الإرهاب ظاهرة حديثة، ولكن الإفتاء بها وإعطاءها صبغة دينية وشرعنتها هي الطامة».
خيانة وطن
وفي موقف لم يعد مستغرباً لم يتوان عدد من الهاربين من العدالة والأحكام القضائية الصادرة في قضية «التنظيم السري» في تجسيد أخلاقيات «الخونة»، مطلقين صرخات ألم على ما خلفه عرض مسلسل خيانة وطن من تفاصيل دقيقة لحجم المؤامرة التي خططوا لها، وهو ما دفعهم إلى مضاعفة جهدهم التأليفي في اختراع «خراريف» جديدة تحاول بكل بؤس النيل من الدولة وقادتها وأجهزتها، إلا أن تلك المحاولات على الرغم من افتقادها للتأثير شكلت مادة دسمة لعدد من المغردين الإماراتيين حملت النقد والدفع بالحجة إضافة إلى تعليقات لم تخل التأكيد على أن «من يخون وطنه مرة لن يتوان في خيانته كل مرة».
المطلوبون للعدالة لم يخفوا أيضاً تأييدهم لمفتي الإخوان، واستماتوا في الدفاع عنه وعن أفكاره بأسلوب لم يخل من السطحية والهروب من مناقشة فتاوى القتل إلى نشر أخبار اخترعها خيالهم، واقتنعوا بصحتها ليطالبوا الجميع بتصديقها، وهو ما دفع مغردين إماراتيين وعرب إلى الرد على مثل تلك الادعاءات في مشهد لم يخل من الإثارة بعد أن أرفق عدد من الناشطين صورا لمظاهرات وتفاصيل المؤامرات التي اشترك فيها أعضاء التنظيم السري ضد الدولة وقادتها وشعبها.
المصدر: الإتحاد
