حاصل على درجة الدكتوراه من جامعة متشجن الأميركية في عام 1984 . عمل مستشاراً ورئيساً للمكتب الثقافي لسفارة دولة الكويت في واشنطن 1989-1992 ومستشاراً إعلامياً ورئيس للمكتب الإعلامي في سفارة دولة الكويت في واشنطن 1992 - 1995 . عميد كلية العلوم الاجتماعية، وأستاذ علم الاجتماع بجامعة الكويت .
يشكل موضوع انجذاب بعض الشباب لفكر «داعش» محور اهتمام دول العالم، وقد أخذت كثير من مراكز البحوث على عاتقها التعرف على الجاذبية المفترضة لهذا التنظيم الإرهابي المسلح. وكان يُعتقد أن الشباب المسلم هم من ينجذبون لهذا الفكر، بينما الحقيقة هي أن الفكر الداعشي عاد يشكل لغزاً لكثير من الباحثين، لكونه أخذ يخترق ثقافات مختلفة، وقد نجح أحياناً في جذب فتيات وشبان غير مسلمين، ما يعزز فرضية أن الأزمة عالمية وتمس شريحة الشباب في العالم ككل.
وتشير الكاتبة كارين كامبوويرث في كتابها «النساء والحركات الفدائية»، إلى مجموعة من الحالات التي ترى أنها مصدر الجاذبية للفكر الداعشي، فهي ترى أن العنف يجذب النساء وأن هناك سوابق تاريخية، منها فتيات التحقن بالثورة الكوبية والحرب الفيتنامية، وهي تعتقد أن القوة المتمثلة بالمقاتلين تنجذب لها النساء. وفي هذا السياق، تؤكد لنا بعض الكتابات انجذاب الفتيات لشخصية موسوليني، والتحاق الكثيرات منهن بمعسكرات التدريب الفاشية، وكما تقول إحدى الباحثات: «حين ينظر المرء إلى صورهن البريئة وملامح التفاؤل التي تشع من وجوههن، يستغرب كيف يتورطن في هذا الأمر، وهو الشعور نفسه الذي يخالجنا حين نتأمل صور فتيات صغيرات يلتحقن بـ(داعش)».
من الواضح أن الظاهرة معقدة تتداخل فيها مجموعة من العوامل، منها الظروف المحلية في المجتمع، ومنها المناخ العالمي متمثلاً في تهميش الشباب، وزيادة البطالة، واهتزاز الشخصية، والشعور بالغبن، وغياب العدالة.. وكلها تشكل عوامل دافعة لبعض الشباب للانخراط في التنظيمات الإرهابية.
وفي دول الخليج العربي، التحق مئات الشباب بتنظيم «داعش»، وهؤلاء يُستَخدمون كقنابل بشرية بتوجيه من التنظيم الإرهابي، كما حدث في السعودية والكويت. وما يلفت الانتباه أن بعض الإحصائيات المنشورة تؤكد أن عدد المتابعين لمواقع «داعش» في تزايد، وأن ثمة بعض المعجبين بفكرة العنف أياً كان سببها.
بعض الباحثين يرى أن الكثير من المنتمين لـ «داعش» ليسوا بالضرورة هم من يحملون الفكر نفسه بقدر ما أنهم يحملون الكراهية للمجتمع والسلطة، أياً كانت هذه السلطة.
البعض لا يفكر بجوانب أخرى غير الجانب الأمني، لذلك نجد جل الاهتمام ينصب على الأمن بعيداً عن التفكير في الدوافع التي تحفز هؤلاء الشباب على الالتحاق بمثل هذا التنظيم الإرهابي. شخصياً لا أستغرب هذه النتيجة، لأن بعض صناع القرار لا يدركون سوى الجانب الأمني كوسيلة للتصدي للفكر المتطرف، بينما هناك الآن قناعات مؤكدة بأن الوسيلة الأمنية لن تقضي وحدها على التطرف، لذلك فإنه من الضروري التعرف إلى الأسباب التي تجذب الشباب، بمعنى أن التشخيص الشائع لهذه الظاهرة يمثل نقطة الضعف في مواجهتها، بينما تحول الفكر الداعشي إلى تنظيم يحمل أفكاراً مغرية لبعض الصغار ومحدودي التعليم، ويعمل وفق استراتيجية نفسية تسعى لاختراق عقولهم.
وفي دراسة قمت بها شخصياً، وجدت أن فكرة القتل أو الموت لا تخيف المقاتل الشاب، لأنه يبحث عن ما يسميه «الشهادة»، فهو يحمل قناعة راسخة بأن موقعه الحقيقي ليس في الحياة الدنيا بل في الحياة الآخرة! وهذا ما يجعله يندفع نحو الموت غير عابئ بالطرف الآخر.
العالم يمر بمرحلة ضاغطة على الشباب، فهم يعانون التهميش، وهذا ما نعتبره مخزوناً للفكر الداعشي الإرهابي.
لابد من إعادة تقييم الأدوات، إذ أن هناك حاجة لتشخيص الأوضاع وفق رؤية جديدة تسمح بالتعرف إلى الخلل المجتمعي الذي تتحتم مواجهته بكل شجاعة.
المصدر: الاتحاد