كاتب و روائي سعودي
ما ذكره الدكتور حسن البار من إحصائية عن مرض الضنك، وما أحدثه هذا المرض في مدينة جدة ــ وخلال أسبوع واحد ــ يجعلنا في حالة ذعر حقيقي، إذ كانت حصيلة هذا المرض أربع وفيات خلال الأسبوع الماضي. ويقول الدكتور البار أن معدل حالات الإصابة بالمرض بلغ 150 حالة أسبوعيا، وهو معدل خطير يفترض أن لا ينام أي مسؤول بجدة قبل أن يقف على الإجراءات الحقيقية لإيقاف تنامي وتصاعد معدلات هذا المرض.
وهذا المرض طاب له المقام في مدينة جدة منذ سنوات مضت، إذ وجد من التقاعس والإهمال في مواجهته، ما يجعله يضرب بأطنابه ويحل مقيما بيننا.
فهل تذكرون المليار ريال التي دفعت من خارج ميزانية أمانة جدة من أجل محاربة هذا المرض؟
هي مليار ريال ذهبت في الملصقات ومصاريف ليس لها معنى، وتبخرت في الهواء، بينما بقي المرض يجوس كل أركان جدة!
ولم يبق من تلك الملصقات التي صرف في طباعتها مليار ريال شيء يبقي الإرشادات حاضرة في أذهان الناس لتوعيتهم بمخاطر هذا المرض وطرق الوقاية منه، وفي ظل عدم التوعية وتكاثر المستنقعات وغياب محاربة ومحاصرة انتشار المرض ثمة موتى يقعون أسبوعيا ولا أحد من المسؤولين يسمع ويلبي الاستغاثة!
والمهم الآن أن سكان جدة يواجهون هذه الحمى ويسمعون عن المصابين والوفيات، بينما أمانة جدة تتحلى بالدم البارد حيال تزايد نسب الإصابة والوفيات، وكأن الأمر لا يعنيها من قريب أو بعيد.
وكعادة الجهات الحكومية في التبرؤ مما يحدث، نجد أن الشؤون الصحية بمدينة جدة تلقي المسؤولية على الأمانة، وتؤكد أن مهمتها تتمثل في الوقاية وتقديم العلاج للمصابين فقط، ونفت تماما مسؤوليتها عن انتشار هذا المرض، إذ تقول : إن ملف حمى الضنك بالكامل هو من مسؤولية أمانة جدة!!
(طيب إش نسوي) هل هذا يعني أن يموت الناس وكل من الجهتين تقذف على الأخرى المسؤولية؟
وإن كانت الأمانة تعمل بجد ومثابرة من أجل إنجاز مشاريعها التطويرية الإنشائية، فإن الأهم من كل ذلك حماية الإنسان، فليس بناء المكان أهم من بناء الإنسان.. فلا تقيموا عمرانا وتسقطوا إنسانا!
المصدر: عكاظ