كشفت شركة المياه الوطنية عن تحجيم النسبة المهدرة من المياه المحلاة المنقولة عبر الشبكة يومياً في محافظة جدة إلى نحو 18 في المئة، عقب استخدام تقنية «غاز الهيليوم» الخاصة بكشف تسرب المياه من الشبكة.
ويأتي ذلك في وقت قدّر فيه أكاديميون وخبراء حجم الهدر اليومي للمياه المحلاة بنحو 40 في المئة، مرجعين ذلك إلى تهالك شبكة تمديدات المياه القديمة، ما جعل حجم المياه التي تصل إلى المنازل تقدر بنحو 600 ألف متر مربع، وحجم الماء المهدر 400 ألف متر مربع، من إجمالي الضخ اليومي والذي يُقدر بمليون متر مكعب.
وبين مدير وحدة المياه في شركة المياه الوطنية بجدة المهندس عبدالله العساف لـ«الحياة» أنهم أبرموا عقوداً لاستبدال الأجزاء القديمة من الشبكة، وتم خفض نسبة الفاقد من المياه إلى 18 في المئة، مضيفاً: «استخدمنا تقنية غاز الهيليوم للكشف عن التسربات، ومعرفة مواضع الضعف في الشبكة لإصلاحها، والعمل جارٍ على مسح الشبكة وإصلاح التسربات والانكسارات وتقليل نسبة الفاقد إلى أقل حد ممكن».
وكانت شركة المياه الوطنية نفذت مشاريع لخطوط نقل المياه من الخزانات في مدينة جدة إلى الشبكات الناقلة للمياه، والتي توزعت على أربعة عقود، تشمل عقد الخط الناقل للمياه إلى خزانات الفيصلية بأكثر من 99 مليون ريال، إضافة إلى تنفيذ مشروع الخط الناقل من الفيصلية إلى بريمان بكلفة بلغت أكثر من 93 مليون ريال.
من جهته، رأى عضو المجلس البلدي وعميد كلية الهندسة سابقاً الدكتور عبدالملك الجنيدي أن تسرب المياه المحلاة يُعد كارثة بيئية وصحية، إذ إن هدر استنزاف كميات المياه بشكل يومي يرفع من مستوى المياه الجوفية وزيادتها، إضافة إلى اختلاط مياه الصرف الصحي مع المياه المحلاة، وزيادة الضغط على شبكات الصرف الصحي.
ولفت خلال حديثه إلى «الحياة» أن شركة المياه الوطنية وأمانة جدة لا تفصح عن المـعلومات الدقيقة حيال هذا الموضوع، إذ إن المياه المحلاة لا تصل للمنازل كاملة، مبيناً أن تسرب المياه يحدث بسبب تهالك شبكات أنابيب المياه المصنوعة من الحديد، معللاً ذلك بانتهاء عمرها الافتراضي.
وأضاف: «الشبكات العالمية والمشاريع الحديثة تستخدم مادة البلاستيك في أنابيب المياه لمرونتها، وهناك عشوائية في تزويد المخططات للمقاولين بالشبكات والتمديدات، وقد يعرضها للكسر أثناء التركيب من المقاول، كما أن المعلومات المقدمة للمخططات الجديدة في أمانة جدة والشركة الوطنية للمياه قديمة وتحتاج إلى تحديث، ففي أي مخططات هندسية يفترض أن يكون هناك رسم تفصيلي أو مخطط نهائي تنفيذي وهذا ما لا يعمل به».
وبين الدكتور الجنيدي أن مشاريع شركات المياه الوطنية اتجهت أخيراً إلى استبدال الشبكات القديمة، منوهاً إلى أن الاستبدال يُعد أمراً مكلفاً، كما أنه يتسبب في إحداث الزحام المروري، مطالباً بسرعة الإنجاز من خلال التعاقد مع شركات مقاولات مميزة، والدعم المالي الذي تفتقر إليه الشركة الوطنية للمياه.
وحذر من زيادة الضغط على شبكة تمديد المياه، كي لا ترتفع نسبة التسرب إلى 50 في المئة، أو تتجاوز أكثر من ذلك، خصوصاً وأن كمية الضخ اليومي لمدينة جدة يبلغ مليون متر مكعب، مضيفاً: «الحل الجذري لمشكلة التسرب هو تقليل نسبة الهدر اليومي للمياه المحلاة بصيانة الشبكات، واستكمال توصيل أنابيب الصرف الصحي والاستفادة من معالجتها الثلاثية والرباعية في ري الحدائق والتشجير، دون صبها في البحر».
بدوره، أكد الخبير البيئي والأستاذ في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور علي عشقي لـ«الحياة» أن نسبة تسرب المياه المحلاة والمهدرة من الشبكات والأنابيب بلغت 40 في المئة، مخالفاً بذلك ما صرحت به شركة المياه الوطنية التي حددت نسبة التسرب بـ 18 في المئة، وقال: «استعانت شركة المياه الوطنية بشركة فرنسية للكشف عن شبكاتها، وأفادت الأخيرة بأن نسبة الهدر اليومي للمياه المحلاة بلغ 40 في المئة، نتيجة للشبكات القديمة التي قد تسمح باختلاط المياه الجوفية والصرف الصحي التي تؤثر على الصحة العامة».
وأفاد بأن حجم الإنتاج اليومي من ضخ المياه المحلاة وصل إلى مليون متر مكعب، وحجم المياه المهدرة منه 400 ألف متر مكعب، إذ يصبح الإنتاج اليومي بذلك 600 ألف متر مكعب فقط.
المصدر: صحيفة الحياة