أكد مشاركون في جلسة حوارية رمضانية، أن التنظيمات الإرهابية تستهدف اختراق الشباب فكرياً ونفسياً والسيطرة عليهم، وتنفيذ ما يعرف بـ«غسل الأدمغة»، بهدف ملء عقولهم بالأفكار المتطرفة، لتنفيذ جرائم إرهابية، مشددين على ضرورة ارتقاء خطب الجمعة بعقول الشباب لتحصينها من الأفكار الهدّامة.
وشدّدوا على أهمية دور الآباء والأمهات والمؤسسات التعليمية في تربية النشء وحمايته من التطرف، كما طالبوا مؤسسات الدولة والمجتمع المدني بتنفيذ برنامج عمل يجذب الشباب، ويكون بمثابة خطة لاستيعاب أفكارهم وطاقاتهم، وسد الفراغ الفكري لديهم بكل ما هو مفيد ومقنع.
وتفصيلاً، عقدت أول من أمس في دبي جلسة حوارية استضافها رجل الأعمال رئيس مجموعة الحبتور، خلف الحبتور، ناقشت الانعكاسات السلبية على فكر وسلوك الشباب، في ظل استهدافهم من قبل التنظيمات الإرهابية.
وقال الحبتور، خلال كلمته: «للأم دور رئيس في تأسيس النشء وحمايته من الانحراف، لذا من الضروري تقديم كامل الدعم والعون لها من جميع الأطراف، لتتمكن من أداء هذا الدور، بحيث تعفى حتى من أداء الوظيفة وتعوّض مالياً، ما يكفل اكتفاءها مادياً واقتصادياً، وفي الوقت ذاته، يضمن استغلال وقتها في رعاية الأسرة وتربية الأبناء».
ونوّه بدور القيادة التي أقرت نظام الخدمة الوطنية، مضيفاً أن «الجيل القديم تعلم من معاناته وظروف الحياة القاسية، والشباب هذه الأيام يحتاجون إلى الشدة والحزم والنظام، حتى يتعلموا الانضباط والالتزام السلوكي والأخلاقي».
ولفت الحبتور، إلى أهمية البيئة الاجتماعية الحاضنة في تنشئة جيل واعٍ، مذكراً بدور الآباء في جذب أبنائهم إلى كل مفيد من أعمال وأنشطة، مثل حرصهم في العهود الماضية على اصطحابهم إلى المجالس، وتعليمهم المهارات والرياضات البدنية المختلفة من ركوب الخيل والسباحة والصيد.
من جهته، قال مدير عام هيئة تنمية المجتمع في دبي، خالد الكمدة، إن المسؤولية في التربية مشتركة بين الوالدين، خصوصاً الأب، الذي يعد عماد الأسرة والمرجع الأهم في تربية الأبناء، لاسيما الذكور منهم، مشدداً على ضرورة أن تعد مؤسسات الدولة والمجتمع المدني برنامج عمل يجذب الشباب، يشاركون بأنفسهم في إعداده، ليكون بمثابة خطة لاستيعاب أفكارهم وطاقاتهم وتوجيهها للاستفادة منها في بناء الوطن والمستقبل.
وأضاف أن على جميع الجهات المعنية، بما فيها الأسرة، العمل بشكل دؤوب على عدم إتاحة الفرصة للدخلاء للنفاذ إلى عقول الشباب، وذلك عبر سد الفراغ الفكري لديهم بكل ما هو مفيد ومقنع، مؤكداً أن برنامج الخدمة الوطنية لبى جزءاً مهماً من متطلبات حماية الشباب من الانحراف، عبر توجيه طاقاتهم نحو إثراء الهوية والانتماء الوطني والعمل على رفعة وحماية البلاد.
إلى ذلك، أكد خبير الرعاية الاجتماعية في هيئة تنمية المجتمع، الدكتور حسين المسيح، أن خطورة التنظيمات الإرهابية تكمن في أنها ذات فكر إقصائي، يعمل على سحق فكر الشباب من الأساس، وتحويله إلى وعاء فارغ، عبر تدمير كل قناعاته التي اكتسبها سابقاً، موضحاً أن هذه التنظيمات عند استقطابها الشاب تعمد إلى دفعه إلى نبذ الأطراف المجتمعية الأخرى، وتصفها بأنها على ضلال وخطأ، وأن ليس عليه فقط رفضها، بل أيضاً محاربتها.
وأضاف أنه بعد أن تتمكن تلك التنظيمات مما يعرف بـ«غسل أدمغة» الشباب، تعمل على ملء عقولهم بالأفكار المشوّهة والمتطرفة، ومن ثم تجندهم لتنفيذ جرائم إرهابية.
فيما أكد كبير مفتين إدارة الإفتاء في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، الدكتور أحمد الحداد، خلال مداخلته في الجلسة، أن بناء الشعوب والأوطان والأمم، لا يكون إلا بالاعتناء بالشباب وتغذيتهم تغذية علمية صحيحة، وتزويدهم بمنهاج حياة سليم، مشدداً على أن الأساس في تربية الشباب التربية المعرفية التي تتجه إلى عقولهم قبل قلوبهم.
واعتبر الحداد أن دور المؤسسات المجتمعية أكثر تأثيراً وأهمية من دور الأسرة في تشكيل سلوك وفكر الشباب، لأنها أكثر فعالية في طريقة الوصول إليه واحتوائه، مشدداً على دور الدولة والمؤسسات التعليمية في بناء التفكير السليم والشخصية السوية للشباب، التي تعصى على أي محاولات من الدخلاء والإرهابيين.
من جانبه، قال رئيس تحرير صحيفة «الإمارات اليوم»، سامي الريامي، إن تحصين عقول الشباب من الأفكار الهدّامة مسؤولية مجتمع بأكمله، مبيناً أن التنظيمات الإرهابية لديها خبراء نفسيون يستطيعون التعامل مع كل طفل أو شاب أو فتاة أو طالب بأسلوب مختلف عن الآخر، بما يضمن اختراقهم فكرياً ونفسياً والسيطرة عليهم، بدليل أنهم تمكنوا من تجنيد شباب يعيشون في دول متحضرة تحترم الإنسان الذي يعيش على أرضها، وتوفر له مستوى عالياً من الراحة والرفاهية، ورغم ذلك ذهبوا باسم الجهاد إلى مجاهل الجريمة والعنف والإرهاب.
وتابع الريامي: «إذا أردنا تحصين الشباب فعلينا فهم سيكولوجية تفكيرهم، لنمتلك الأدوات القادرة على تلبية حاجاتهم الفكرية والإنسانية»، مشيراً إلى ضرورة ارتقاء خطب الجمعة بعقول الشباب لتحصينها من الأفكار الهدّامة.
المصدر: الإمارات اليوم