كاتب سعودي
«شددت وزارة الداخلية على عدم صدور أي دعاوى من ولي الأمر للجهاد في ظل عدد من الدعوات المخالفة للشريعة الإسلامية التي تنتشر وتدعو إلى ذلك. ووصف المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية اللواء منصور التركي المواطنين الذين تم التغرير بهم للجهاد في الدول التي تشهد صراعا بأنهم بحاجة للمساعدة لعودتهم بعد اكتشافهم للدعوات المزيفة».
هذا جزء من تصريح اللواء منصور التركي الذي نقلته كثير من المواقع عن صحيفة (اليوم) قبل أمس الأول (الأحد)، وفي الاعتقاد أن وزارة الداخلية لم تبادر بهذا النفي إلا عندما لمست استفحال هذه الدعاوى وتجاوزها حدود الرأي الشخصي إلى الادعاء بأنها تمثل رأي الدولة، في تجاوز صارخ وخطير للحدود والخطوط الحمراء.
والحقيقة أن هذه الدعوات ليست جديدة، بل إنها أصبحت جزءا من حركة ونشاط بعض الأسماء المعروفة في مجال الوعظ والدعوة ممن يحسبون أنفسهم في خانة العلماء الذين يحق لهم قول ما يشاؤون في أي موضوع دون اعتبار لحساسيته، بل حتى باستخدام تخريجات وتأويلات لا تستقيم مع العقل والمنطق، قبل أن تكون متسقة مع النصوص والتفسيرات الدينية الصحيحة. هؤلاء أصبحت قضية الدعوة إلى الجهاد عندهم أبسط من البساطة، فما إن تشتعل بؤرة للصراع السياسي في أي مكان إلا وسارعوا للنفخ في بوق الجهاد من منازلهم ومكاتبهم الوثيرة، وأطلقوا الخطب المهيجة المخلوطة بالدموع والنشيج لدفع الشباب إلى الخروج من ديارهم الآمنة في ليل مظلم ليصبحوا حطبا في الحروب السياسية والطائفية، وضحايا في صراع لا يعرفون حقيقته. لقد أضروا الوطن بإلصاق تهمة الإرهاب ببعض شبابه الضحايا، وحطموا عائلات، وهدموا بيوتا، وجرحوا قلوبا بالحزن على أبنائها.
هؤلاء ليسوا مجهولين ولا يتحدثون بأسماء مستعارة، بل بأسمائهم الصريحة وفي منابر المساجد والقنوات الفضائية وكل مكان يتاح لهم فيه الحديث. والمحير هو الصمت الطويل على ممارساتهم وتركهم يتمادون إلى حد الادعاء باسم الدولة وأنهم ينقلون الرأي الرسمي.
الآن بالذات، هناك خطورة كبرى من ترك هذه الأصوات تستمر لأن سمعة الوطن وأبناء الوطن لا يجب أن تكون مرة أخرى ضحية جعجعة هذه الكائنات الضارة، ولا يجب أبدا ترك الحبل على الغارب. لقد تضررنا كثيرا بسببهم، ولم يعد مقبولا أن يتضرر شبابنا الذي ينتشر الآن في بلاد العالم طلبا للعلم، أو يعود السعودي شخصا مشبوها بسببهم.
المصدر: عكاظ