رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
كارثة حقيقية تلك التي حدثت في الفجيرة، فُجع لها المجتمع الإماراتي بأسره، صغيره وكبيره، الجميع تألّم لوفاة الأطفال السبعة اختناقاً إثر احتراق المنزل الذي يعيشون فيه، ليلاً، إنها الحادثة الأكثر إيلاماً رغم وقوع حوادث أخرى شبيهة، وكل ما نتمناه الآن أن تكون هذه الحادثة هي الأخيرة من نوعها، خصوصاً بعد صدور توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حفظه الله، الفورية إلى الدفاع المدني بالتأكد من وجود أنظمة للحماية من الحرائق في كل بيوت المواطنين، على أن تتحمل الحكومة كلفتها لمن لا يستطيع.
أهمية توجيهات الشيخ محمد بن راشد أنها فورية التطبيق، منذ اللحظة الأولى لإطلاقها، وهذا حتماً سيقضي على مشكلة أزلية موجودة في مؤسساتنا وكثير من الجهات المعنية، وموجودة عند كثير من المواطنين أيضاً، وهي التفاعل بشدة مع الكارثة وقت حدوثها، ثم نسيانها تماماً وتقليل الاهتمام بها بمجرد مرور الزمن، فتخبو وينتهي أمرها، دون اتخاذ الإجراءات والاحتياطات التي تضمن عدم تكرارها، وهذا الأمر اتضح جلياً في حوادث الاختناقات الناجمة عن حرائق المنازل، مع كل حادثة يتفاعل الناس ويتأثرون، ويتحدث الجميع عن أنظمة الحماية وكاشف الدخان، لكنهم سرعان ما ينسون الأمر، وتمر الأيام دون أي تحرك لإلزامية تركيبها، ومن يسارع لتركيب مثل هذه الأجهزة أعداد قليلة جداً.
عموماً يفتقر معظمنا لثقافة الوقاية خير من العلاج، ومعظم منازل المواطنين خالية من طفايات الحرائق أو كاشفات الدخان، مع أن أسعارها معقولة جداً وفي متناول اليد، وفي الوقت ذاته لم تطلب الجهات المعنية بالترخيص أو الدفاع المدني وضع شرط الطفايات وأجهزة كاشف الدخان شرطاً أساسياً لإعطاء شهادة الإنجاز النهائية لأي منزل يُبنى، كما أن مراكز الدفاع المدني المنتشرة بمعظم المناطق السكنية في الإمارات، يجب أن تتولى مسؤوليات أكبر في تطبيق إجراءات احترازية إضافية، مثل اعتماد مبدأ المسوحات الدورية على بيوت المواطنين للتأكد من وجود اشتراطات الأمن والسلامة، ومراقبتها الدائمة، واعتماد قرارات ملزمة لوضع حد للممارسات المنزلية الخاطئة. بالتأكيد لن تكون مثل هذه المهمة سهلة، لكنها أمور يمكن تطبيقها على مراحل وبشكل منظم طوال العام.
المسؤولية مشتركة، ليست مسؤولية الدفاع المدني وحده، وهناك جهات عدة يجب أن تجتمع وتتناقش وتضع القوانين والقرارات الكفيلة بتفادي وقوع حوادث الحرائق، بعد أن تقف على مسبباتها وترصد كل نقاط الخلل الموجود في بيوت المواطنين، بدءاً من التوصيلات الكهربائية الضعيفة أو المقلدة، وكيفية التدقيق عليها، وانتهاء بوضع لائحة اشتراطات أساسية للحماية من الحرائق، تطبق على كل المنازل بشكل تدريجي.
والمواطنون أيضاً مسؤولون، وتقع مسؤوليتهم في ضرورة اتباع كل التوجيهات الصادرة من الجهات المعنية حول اشتراطات الأمن والسلامة، وعدم التهاون أو التكاسل في أي خطوة من شأنها حماية أرواحهم. الجميع عليهم التعاون للوقاية وتطبيق الإجراءات الاحترازية المناسبة، فالمجتمع ليس على استعداد لسماع أنباء تكرار حدوث مثل هذه الكوارث مستقبلاً.
المصدر: الإمارات اليوم