تعيش روسيا اليوم الأحد يوم حداد وطني بعد المجزرة التي وقعت في قاعة للحفلات الموسيقية في ضاحية موسكو، في هجوم هو الأكثر حصدا للأرواح في البلاد منذ حوالي عقدين والأكثر فتكا في أوروبا وتبناه تنظيم داعش.
وذكرت محطة “روسيا 24” التلفزيونية العامة صباح الأحد أن “البلاد بكاملها في حالة حداد تضامنا مع الأشخاص الذين فقدوا أحباءهم في هذه المأساة اللاإنسانية”.
وبثت مشاهد للوحة رقمية ضخمة مثبتة على جدران قاعة الحفلات التي تعرضت للهجوم تظهر شمعة على خلفية سوداء وجملة “كركوس سيتي هول. “نحن في حداد 22/03/2024” وهو تاريخ الهجوم.
واقتحم أفراد قاعة كروكوس سيتي هول مساء الجمعة، قبل أن يفتحوا النار من أسلحة رشاشة على الأشخاص الذين أتوا لحضور حفلة لفرقة بيكنيك، ويشعلوا حريقا بقنابل حارقة، وفق المحققين، ما أسفر عن مقتل 133 شخصا على الأقل في حصيلة يتوقّع أن ترتفع.
وأدان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في كلمة متلفزة السبت “العمل الإرهابي الهمجي” متوعدا معاقبة المسؤولين عنه. وأعلن أنه تم توقيف “منفّذيه الأربعة فيما كانوا يتجّهون نحو أوكرانيا” من دون ذكر تبني تنظيم داعش الهجوم.
وكانت لجنة التحقيق الروسية أعلنت في وقت سابق توقيف 11 شخصا، بينهم المهاجمون الأربعة الذين نفّذوا الهجوم، في منطقة بريانسك الواقعة عند الحدود مع أوكرانيا وبيلاروس.
وهذا الهجوم هو الأكثر حصدا للأرواح منذ حوالي عقدين والأكثر فتكا في أوروبا الذي يتبنّاه تنظيم داعش منذ هجمات 13 نوفمبر 2015 في باريس.
في الأثناء، تتواصل عمليات البحث في أنقاض المبنى الذي دمرته النيران وانهار سقفه جزئيا باستخدام معدات ثقيلة، في مهمة قد تستغرق أياما.
ونفّذ تنظيم داعش الذي تحاربه روسيا في سوريا والذي ينشط أيضا في القوقاز، هجمات على الأراضي الروسية منذ نهاية العام 2010، لكنه لم يتبنّ أي هجوم بهذا الحجم في البلاد.
وأعلن التنظيم في بيان على تلغرام أنّ مقاتليه “هاجموا تجمّعا كبيرا (…) في محيط العاصمة الروسيّة موسكو”، زاعما أنّ مقاتليه “انسحبوا إلى قواعدهم بسلام”.
مقطع فيديو للتنظيم
نشرت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي عادة ما يستخدمها تنظيم داعش، شريط فيديو صوّره على ما يبدو مُنفّذو الهجوم، وفق ما أفاد موقع “سايت” المتخصّص في رصد المواقع المتشددة.
ويُظهر الفيديو البالغة مدّته دقيقة و31 ثانية عددا من الأفراد الذين بدت وجوههم غير واضحة وأصواتهم مُشوّشة، وهم يحملون بنادق هجوميّة وسكاكين، داخل ما بدا أنه بهو قاعة الحفلات الموسيقية “كروكوس سيتي هول” في كراسنوغورسك في شمال غرب العاصمة الروسية.
وبينما كان المهاجمون يُطلقون رشقات ناريّة عدة، شوهِد عدد من الجثث أرضا، وأمكن رؤية حريق يندلع في الخلفية. وظهر شريط الفيديو هذا على حساب في تلغرام قال موقع “سايت” إنه يعود إلى وكالة “أعماق” التابعة لتنظيم داعش.
ورغم ذلك، لم يوجّه فلاديمير بوتين ولا جهاز الأمن الفدرالي أي اتهام إلى التنظيم.
نفي أوكراني
وأكّد جهاز الأمن الفدرالي السبت أن المشتبه بهم كانت لديهم “جهات اتصال” في أوكرانيا إلى حيث كانوا يعتزمون الفرار من دون تقديم أي دليل على هذه الصلات المفترضة التي لم تحدّد طبيعتها.
وقال المستشار الرئاسي ميخايلو بودولياك على منصة “إكس” إن “الروايات التي تقدّمها الأجهزة الخاصة الروسية فيما يتعلق بأوكرانيا غير مقبولة وسخيفة” مؤكّدا أن “أوكرانيا ليست لديها أدنى صلة بالحادث”.
من جهته، أدان رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك الهجوم “الوحشي” معربا عن أمله في ألا يصبح “ذريعة” لتصعيد العنف.
ونشرت المسؤولة في محطة “آر تي” العامة مارغريتا سيمونيان مقاطع فيديو تظهر اعترافات اثنين من المشتبه بهم أثناء استجوابهما من دون ذكر الجهة الراعية للهجوم. ولم تتمكّن وكالة فرانس برس من تأكيد صحة المقاطع.
ورغم تبني تنظيم داعش الهجوم، يبقى هناك العديد من الأسئلة التي ينبغي الإجابة عنها.
وبحسب وسائل إعلام روسية والنائب ألكسندر خينستين، فإن بعض المشتبه بهم من طاجيكستان. وأوضحت سلطات طاجيكستان الواقعة في آسيا الوسطى أنها “لم تتلق تأكيدات من السلطات الروسية بشأن المعلومات الكاذبة المتداولة حاليا حول ضلوع مواطنين” من طاجيكستان في الهجوم.
والسبت، توافد عشرات الروس المصدومين إلى مراكز التبرع بالدم في موسكو أو إلى نصب تذكارية أقيمت في موقع الحادث.
وقال فلاديسلاف (18 عاما) لوكالة فرانس برس فيما كان ينتظر في الطابور للتبرع بالدم “عندما نكون أمام وضع مماثل (…) نريد المساعدة”.
وعلقت في بعض مواقف الحافلات في المدينة ملصقات تظهر شمعة على خلفية سوداء مرفقة بجملة “نحن في حداد 22/03/2024” وهو تاريخ الهجوم.
وأعلنت المتاحف والمسارح في موسكو إغلاق أبوابها خلال عطلة نهاية الأسبوع، كما أغلقت دور السينما في موسكو السبت والأحد مقدّمة “تعازيها” لعائلات الضحايا.
البيان – أ. ف.ب