يأتي تصنيف حزب الله منظمة إرهابية من قبل مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية، لتضاف إلى سلسلة الأزمات التي يعيشها الحزب منذ دخوله الحرب في سوريا، ونتيجة لتكلفة تلك الحرب والعقوبات السابقة على إيران، لجأ الحزب إلى مصادر تمويل مختلفة شكلت المخدرات الجزء الأكبر منها.
ولا يفوت المتسائل عن مصدر التمويل، أن إيران لطالما كانت الممول الرئيس للحزب وأنشطته منذ التأسيس، لكن لا يفوته أيضا أن إيران عايشت لفترة خلت عقوبات أنهكت اقتصادها وعطلت كثيرا من قدراتها.
ويتذرع الحزب بأنه يحصل على التمويل من مشاريع خيرية ومتبرعين بعد الإدراج المتكرر لشخصيات لبنانية على لوائح الإرهاب والمطلوبين عربيا وعالميا.
وتلك اللوائح عمرها أكثر من عقد وبدأ أبرزها في الإكوادور حين تم اعتقال شبكة تهريب مخدرات قيل إنها تمول حزب الله بـ”70″ بالمئة من أرباحها.
وبعدها أوردت صحيفة “لوس أنجلوس تايمز” أن السلطات الكولومبية اعتقلت عام 2008 شبكة تهريب مخدرات وغسيل أموال لها على صلة بحزب الله، قبل أن يعترف تاجر المخدرات الكولومبي وليد مقلد بعدها بثلاثة أعوام بالتعاون مع الحزب في تجارة الكوكايين.
وفي عام 2009 أعلنت هولندا اعتقال 17 شخصًا يشكلون شبكة دولية لتهريب المخدرات مرتبطة بحزب الله ونقلت نحو 2000 كيلوغرام من الكوكايين بين دول عدة خلال عام واحد وأرسلت الأرباح إلى لبنان.
بعد ذلك تقرير لمجلة “دير شبيغل” الألمانية عن وصول محققين لدلائل بأن حزب الله يمول عملياته من تجارة المخدرات في أوروبا وقد ظهر ذلك للمرة الأولى عندما اعتقلت عائلة لبنانية يشتبه في أنها هربت مبالغ كبيرة من عوائد تجارة الكوكايين إلى لبنان عبر مطار فرانكفورت، وسلمتها لشخص على علاقة بالدوائر العليا لحزب الله.
وبدوره كشف معهد رند الأميركي كشف عن منظمات إجرامية تعمل في المثلث الحدودي للبرازيل والأرجنتين والباراغواي، تمول أنشطة حزب الله، مشيرا إلى أن ملايين الدولارات يتلقاها الحزب من أسد أحمد بركات المدرج على لوائح الإرهاب الأميركية، والمعروف بتعاملاته في مجال المخدرات، والذي حصل على خطاب شكر من أمين عام الحزب حسن نصر الله شخصيا لتبرعه السخي لـ”صندوق شهداء المقاومة”.
وبالإضافة إلى بركات ضمت لوائح الإرهاب الأميركية منذ عام 2006 صبحي فياض لتورطه بتجارة المخدرات لصالح حزب الله، وفايد بيضون الذي اعتقل في مطار ميامي الدولي عام 2008 للسبب نفسه، قبل أن يعلن مجلس النواب الأميركي أن تجارة المخدرات تشكل 30 بالمئة من مداخيل حزب الله، فيما أقر مجلس الشيوخ في 2005 عشر مشروع قرار طالب بإدراج الحزب كمنظمة تهريب مخدرات أجنبية ومنظمة إجرامية عابرة للحدود.
ويستخدم حزب الله ذريعة المؤامرة ضده. فتأتي الشواهد داخلية فجة، إذ أوقفت الجمارك اللبنانية في مارس 2012 عبر مرفأ بيروت آلتين لتصنيع الكبتاغون المادة الأكثر رواجا في سوريا اليوم، وتكشف التحقيقات مستودعا لتصنيع تلك الحبوب في الشويفات على أطراف ضاحية بيروت الجنوبية، أما الأبرز فتورط 10 أشخاص بينهم شقيقا النائب عن حزب الله حسين الموسوي، واثنان من آل المقداد.
ويترافق كل ذلك مع غياب تام لأجهزة الدولة اللبنانية عن حقول البقاع الشمالي التي تزرع بحشيشة الكيف والخشخاش، فيما يعين تاجر المخدرات نوح زعيتر قائد كتيبة في لواء القلعة الذي تشكل لمحاربة من أسماهم حزب الله بالتكفيريين، فيطل عبر الإعلام متحدثا يتوعد بمسح بلدة الزبداني في سوريا.
مشهد لبنان وخلافا للعادة، يجد نقيضه في إيران.فنائبة الرئيس الإيراني لشؤون المرأة والعائلة، كشفت قبل أيام عن إعدام جميع رجال إحدى قرى إقليم بلوشستان جنوب شرقي البلاد لإدانتهم بتهمة تجارة المخدرات.
وهكذا تتغير فجأة قواعد ولاية الفقيه التي اعترف أمين حزب الله أنه أحد جنودها بين إيران ولبنان، فيدرك المعارضون للحزب فداحة الخطأ في وصفه دويلة في قلب دولة، فيبدو الأصح أن الدولة غابت وبقيت الدويلة.