د. حنيف حسن
د. حنيف حسن
رئيس مركز جنيف لحقوق الإنسان والحوار العالمي منذ العام 2014، وزير سابق، وأكاديمي، وكان مديراً لجامعة زايد.

حقوق الإنسان ليست لأعدائها

آراء

خلال الأسابيع الماضية حظر موقع تويتر حسابات جديدة باللغة الإنجليزية لناشطي تنظيم الدولة الإرهابي «داعش» ويوم 23 فبراير الجاري صرح بيل جيتس بأحقية الدولة – الولايات المتحدة هنا – بالكشف عن هويات وبيانات الهاتف، في تعليقه على الخلاف الذي أثير بين الحكومة وآبل.

نعم فلا حق في الخصوصية لمن ينتهك ويغتال حق الناس في الحياة. لكن للأسف لا زالت بعض منظمات حقوق الإنسان العربية والعالمية حبيسة تصوراتها المتعالية في الدفاع عن حقوق الإنسان، حتى لو كان هذا الدفاع ضد من يعادون هذه المبادئ ومن يكفرون بها ويمثلون خطرا داهما عليها.

اعترض بعضهم على الحكومة الفرنسية في التاسع والعاشر من فبراير الجاري حين صوت الفرنسيون على إدراج إسقاط الجنسية عن الإرهابيين في الدستور.

وهي الخطوة التي جاءت بعد أحداث العنف والتفجيرات التي شهدتها العاصمة الفرنسية باريس في مطلع العام الماضي وأواخره. وعلى خطى فرنسا نحت دول أوروبية أخرى مثل بريطانيا وسويسرا وغيرهما بإجراءات تشريعية وإدارية لمواجهة خطر التطرف والإرهاب الذي داهم مجتمعاتها المستقرة. هذه الصحوة الأوروبية المتأخرة جاءت بعد أن ذاقت تلك الدول لهيب الإرهاب.

وقد كانت دعوى الحريات وحقوق الإنسان، وربما أجندات سياسية أخرى، سببا للسماح لأولئك الإرهابيين للتغلغل والقيام بتلك الأنشطة الإرهابية في تلك الدول. وهي التي – مع الأسف – وفرت ملاذات آمنة لقادة التطرف والإرهاب لنشر خطاب الكراهية ومعاداة كل القيم الإنسانية والحضارية. مما أدى في نهاية المطاف إلى أن ينقلب السحر على الساحر.

هؤلاء المتطرفون والإرهابيون لعبوا دورا مهما في «عولمة» ظاهرة الإرهاب بحيث أصبحت عابرة للحدود والقارات. وقد ساعدهم على ذلك توظيفهم السيئ للتكنولوجيا ووسائل الاتصال الاجتماعي لخدمة أجنداتهم الشريرة.

ما يهمنا في هذا السياق، التأكيد على أنه عندما تهدد الأوطان، وحياة الإنسان، تسقط دعاوى الحريات وحقوق الإنسان. فلا حرية ولا حماية لكارهي البشر وأعداء الحياة.

هناك جانب مقلق في الإرهاب وتداعياته، وهو تصاعد موجة الكراهية تجاه الجاليات المسلمة في أوروبا وأميركا، وانتشار ظاهرة الخوف من كل ما هو إسلامي، وهو ما أصبح معروفا بـ«الإسلاموفوبيا». في هذه الحملة يتم تشويه كل ما يتصل بالإسلام وأهله وثقافته، بل ويصل الأمر أحيانا إلى استهداف الأبرياء منهم وإيذائهم.

وهي موجة تستوجب الاستنكار والمواجهة أيضا. فحملة الكراهية هذه تكسب الجماعات المتطرفة مساحات أخرى للعمل، وتقدم تبريرات للتوسع في إرهابهم. بل ويساعدهم على استقطاب المزيد من الأفراد لتنظيماتهم وجماعاتهم الإرهابية

إنها معادلة الحريات وحقوق الإنسان ورفض الفوضى الميليشياوية وموجات الكراهية المتنامية، شرقا وغربا، واستقرار الدول والمجتمعات وأمنها، أي تحقيق الاستقرار وترسيخ الأمن مع صون الحريات وحماية حقوق الإنسان.

وهذا يمثل تحديا كبيرا للدول ومؤسساتها، وتعد دولة الإمارات مثالا رائعا في هذا الشأن، وكما أكدت الإجراءات الدولية السابقة أنه لا حقوق ولا خصوصية لإرهابي يهدد حياة الناس، فعلينا أن نؤكد كل يوم أن حقوق الإنسان لا ينبغي أن تتخذ ذريعة لقتلها وانتهاكها واغتيالها من قبل من لا يؤمنون بها ويعادونها.

حقوق الإنسان ليست فزاعة للدول بل حماية لها ولمواطنيها، كما أنها ليست مطية يمكن أن يتخذها الإرهابيون سندا لممارساتهم اللاإنسانية، فهي شأن كل مبدأ لا يحمي من يكفرون به ومن يعادونه…

المصدر: صحيفة البيان