رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
شخصياً لا أعرف من هو جوسيه سيلفا، ولا أريد الدفاع عنه، ولن أدافع عنه يوماً، بل سأكون أول المنتقدين له، والمطالبين بإقالته، وإبعاده عن البلد دون رجعة، إن كان فعلاً أنهى خدمات مديرين مواطنين من «مجموعة جميرا»، تلك الشركة الوطنية الشهيرة، وسأطالب بزجه في السجن قبل ترحيله بتهمة العنصرية وازدراء المواطنين، إن كان هو القائل إن الموظف المواطن لا يتناسب مع طموحاته بوصول الشركة إلى العالمية، لا نريد سوى الحقيقة، وهل فعلاً هذا ما حصل؟ وهل قام جوسيه بإنهاء خدمات عدد من المواطنين في الشركة؟!
منطقياً هناك كثير من المبالغة في الرسالة التي انتشرت بين الناس على مختلف مواقع التواصل، ومن كتبها يعرف تماماً كيف يهيِّج مشاعر بعض المواطنين، وكيف يستميلهم، ويكسب تعاطفهم، فطعّم رسالته بكثير من المفردات المستفزة للمواطنين، التي جعلتهم يلغون جانباً من التفكير العقلاني، وينطلقون وراء العاطفة والحمية والغيرة، ويستعجلون في إعادة نشرها، رغبة منهم في المساعدة لا الإساءة، وهذا شعور طبيعي راود كل من قرأ الرسالة، فلا أحد يمكن أن يقبل إهانة مواطن، أو إقالته دون سبب، ولا أحد يقبل وجود هذا النوع من المديرين، مهما كانت جنسيته، لكن لا أحد من الذين أعادوا الإرسال أو نشروا تلك الرسالة حاول التأكد قبل نشرها، فتحولت رغبة المساعدة إلى إساءة في حق الشركة الوطنية، ومسؤوليها المواطنين الذين يعملون بجد وإخلاص لتطويرها، وهذا ما يتكرر كثيراً في وسائل التواصل للأسف!
أما الحقيقة التي أثق تماماً بمن أوصلها، فلا وجود أساساً لقصة إنهاء خدمات مديرين مواطنين، ولم يتسلم أي مواطن في الشركة رسالة إنهاء خدمات، وكل ما في الأمر أنه تم إشعار اثنين فقط من المديرين بنقلهما من مناصبهما الحالية إلى مناصب جديدة في الشركة الأم (دبي القابضة)، تتناسب أكثر مع تخصصاتهما، ووفقاً لهذا الرجل الذي أثق بكلماته، والذي التقى هذين المديرين تحديداً، نقل عنهما قولهما إنهما لم يواجها ذلك الموقف المنشور في تلك الرسالة، وأن جوسيه سيلفا جلس معهما، وشكرهما على مجهوداتهما في السنوات الماضية، وأبلغهما بوصفه المدير بأن الشركة الأم ستهتم بهما، وتنقلهما إلى أماكن جديدة، وهما يثقان تماماً بالشركة ومسؤوليها، ولا يواجهان أي مشكلة حقيقية إلى الآن!
الحقيقة إذاً هي نقل موظفَين اثنين من مكان إلى آخر، وهذا إجراء طبيعي جداً يحدث في كل مكان، والشائعة هي مدير أجنبي ينهي خدمات مديرين مواطنين، ويُهين كل مواطن يعمل بالشركة، وهناك فرق شاسع بين الحقيقة والشائعة، وللأسف الشديد تنتشر الشائعة بشكل سريع جداً، وتنشر معها الإحباط، وتوغر الصدور، وتثير حنق وغضب الآلاف من المواطنين، فمن برأيكم يستحق العقوبة هُنا، المدير الأجنبي أم من أثار بلبلة واسعة، وأساء إلى سمعة شركة مهمة، وبالغ في سرد حكاية بشكل غير دقيق؟!
وهُنا يجب أن نعرف أن «مجموعة جميرا للفنادق والمنتجعات» يترأسها مواطن، ويعمل بها 340 موظفاً مواطناً في مختلف الأقسام، 24% منهم يشغلون مناصب قيادية، وعينت العام الماضي وحده 83 مواطناً، مع العلم أنها تضم في الإمارات ما يقارب 5000 غرفة فندقية، في حين أن هناك مجموعة فندقية ضخمة تعمل في الإمارات، تمتلك ما يقارب 17 ألف غرفة فندقية ولا يعمل بها حتى 10 مواطنين!
لا ننكر وجود عينة من مديرين أجانب سيئين، لكن هذا لا يعني تعميم ذلك، ولا يعني التأليف والتزوير والمبالغة لإثارة غضب الناس، والأهم من ذلك أن الجميع يجب أن يثقوا ويؤمنوا بأن قادتنا لا يقبلون بأي نوع من الظلم يقع على أي مواطن، والدولة التي تتحرك بقادتها وشيوخها وحكومتها من أجل مواطن بسيط شعر بظلم من مذيع أساء التعامل معه، لا يمكن أن تقبل أبداً بوجود مدير أجنبي يهين مواطنين وينهي خدماتهم، في التوقيت نفسه، لإعادة الحق والاعتبار إلى ذلك المواطن، لا يمكننا تصديق ذلك!
المصدر: الإمارات اليوم