وجّهت فرنسا ضربة إلى المساعي القطرية لتدويل الأزمة مع دول الجوار، بإعلان وزير الخارجية الفرنسي جون إيف لودريان أن حل الأزمة القطرية يجب أن يتم بين دول الخليج، كما أكد في مباحثات أجراها، في جدة، أمس، ضرورة تضافر الجهود لمكافحة الإرهاب والتطرف، مثمناً الدور القيادي الذي تقوم به السعودية في هذا المجال، إذ قال: «نحيي السعودية على دورها في مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، والسعودية بينت قدراتها القيادية على مكافحة الإرهاب».
وبدوره، أكد وزير الخارجية السعودية، عادل الجبير، في لقاء مع نظيره الفرنسي، أن الدول الداعية إلى مكافحة الإرهاب ستزوّد فرنسا بملف كامل عن تجاوزت ارتكبتها الدوحة. وقال: «بحثنا أزمة قطر وسبل حلها، وسنزود فرنسا بملف كامل عن تجاوزت ارتكبتها الدوحة». وأعلن الجبير أن المناقشات شملت أيضاً الوضع في سوريا والعراق وأزمة اليمن.
وذكرت وزارة الخارجية الفرنسية، في بيان لها، أن جولة الوزير لودريان ستستمر إلى اليوم، في إطار جهود باريس لتقريب وجهات النظر بين قطر والدول الداعية إلى مكافحة الإرهاب، التي تتهم الدوحة بدعم الإرهاب وتمويله.
في غضون ذلك، استمرت قطر في أسلوب المماطلة وتمييع الأزمة التي تسببت فيها دون أن يلوح في الأفق أي بوادر لتغيير نهجها الداعم للإرهاب، واستهدافها أمن دول المنطقة عبر تمويلها ورعياتها تنظيمات متطرفة تسعى إلى خلق الاضطرابات في الدول العربية.
وفي سياق الحملة الدولية ضد الدعم القطري للإرهاب، دعا منظمو مسيرة «مسلمون ضد الإرهاب»، في ختام جولتها الأوروبية، إلى تحرك عالمي لمعاقبة قطر على دعمها وتمويلها الإرهاب والتطرف، وتسببها في الإساءة إلى صورة المسلمين في أوروبا وتفشي «الإسلاموفوبيا»، مؤكدين، بعد استقبال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون منظمي المسيرة، أنهم بصدد تنظيم مسيرة أخرى تضم عائلات الشباب الذين جندتهم قطر للقتال ضمن الجماعات المتطرفة.
واختتمت مسيرة «مسلمون ضد الإرهاب» جولتها الأوروبية بالحافلات، بعد أن زارت سبع عواصم ومدن أوروبية في سبعة أيام، مطالبةً بإجراءات عقابية بحق الدول التي تدعم وتموّل الإرهاب والحركات المتطرفة، حيث استقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وعقيلته بريجيت ماكرون وفداً يمثل منظمي المسيرة في قصر الإليزيه.
وأطلع الوفد، الذي يمثل المسيرة، الرئيس الفرنسي على أهدافها المتمثلة في رفض المسلمين الإرهاب والتطرف البعيد كل البعد عن تعاليم الإسلام السمحة والتضامن مع ضحايا الإرهاب في أوروبا. وتحدث الوفد عن المراحل التي قطعتها المسيرة عبر الحافلات بالمدن والعواصم التي مرت بها، في ظل تفاعل الشعوب الأوروبية معها، من خلال الاستقبال الشعبي والرسمي الحار التي حظيت به أينما حلّت، وأشار، في هذا الصدد، إلى الدور القطري في دعم الإرهاب وتمويله.
وقال رئيس تجمع أئمة مسلمي فرنسا، الشيخ حسن الشلغومي، في تصريح للصحافيين، بعد خروج الوفد من مقر الرئاسة الفرنسية، إن الوفد أبلغ الرئيس ماكرون أنهم بصدد تنظيم مسيرة أخرى قريباً تضم هذه المرة عائلات الشباب الذين غررت بهم قطر وأرسلتهم للقتال ضمن الجماعات المتطرفة في سوريا، مؤكداً أنه آن الأوان لأن يتحرك الساسة في كل العالم ضد الدول التي تدعم التطرف بسياساتها، وفي مقدمتها قطر.
وأوضح الشيخ الشلغومي أن الإرهاب الذي نشهده أساء كثيراً إلى صورة الإسلام في أوروبا بسبب سياسات الدول التي تموّل التطرف، وتدعم الجماعات التكفيرية وما يسمى بـ«الإخوان المسلمين»، خاصة السياسة القطرية التي أضرت كثيراً بصورة الإسلام والمسلمين في الغرب وأوروبا، ما تسبب في تفشي ظاهرة الإسلاموفوبيا في البلدان الأوروبية، وتزايد حوادث الاعتداءات على المسلمات المحجبات في أوروبا. وأكد أهمية اتخاذ قرار أخلاقي وشجاع بمعاقبة الدول التي تدعم بسياساتها الإرهاب والتطرف والتشدد.
في موازاة ذلك، أعدّت الحملة العالمية لمناهضة التمويل القطري للإرهاب ملفاً عن انتهاكات حقوق التعليم في سوريا، لتسليمه إلى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونيسكو»، التي تتخذ من باريس مقراً لها، يتضمن انتهاكات ارتكبها نظام بشار الأسد، وكذلك الحكومة القطرية ضد مؤسسات تعليمية في سوريا وبحق الطلاب السوريين.
وقالت الحملة العالمية لمناهضة التمويل القطري للإرهاب إن تمويل حكومة قطر لجماعات إرهابية في مناطق الصراع بعدد من المدن والقرى السورية، أدى إلى إغلاق عدد كبير من المدارس والمؤسسات التعليمية وهدمها، وحرمان الملايين من الطلبة السوريين من الدراسة والتحصيل العلمي.
ويعمل مستشارون وباحثون على إعداد ملف الانتهاكات القطرية الذي سيتم تقديمه إلى «اليونسكو»، وسيحتوي على ما تم رصده من محطة «الجزيرة» التابعة لحكومة قطر، من ترويجها خطاب الكراهية لإشعال حرب أهلية في سوريا، وكذلك ما صدر من مؤسسات إعلامية حكومية وشبه حكومية وصحفية قطرية ومؤسسات خيرية قطرية.
وسيقدم الملف لمنظمة اليونيسكو، باعتبارها المنظمة الدولية المختصة بالبت في هذه القضايا، من أجل وضع حد للتجاوزات اللاإنسانية التي ارتكبتها قطر بفضل تمويلها الإرهاب في سوريا، وعملها طول أمد الحرب والمفاوضات على إضاعة حقوق مواطني سوريا.
في الأثناء، احتشد متظاهرون أمام مقر سفارة قطر في العاصمة البلجيكية بروكسل للتنديد بالسياسة القطرية الداعمة للإرهاب وتمويله، وذلك ضمن سلسلة من التحركات في الدول الأوروبية، رفضاً للنهج القطري القائم على تغذية الخلافات والنزاعات في العالم.
وطالب المحتشدون بوقف التمويل القطري للصراعات والتيارات المتطرفة في المنطقة العربية والدول الأوروبية، داعين إلى تغيير السياسات القطرية التي تقف خلف زعزعة الاستقرار الإقليمي من خلال دعم وتمويل وإيواء التنظيمات الإرهابية.
المصدر: البيان