مؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان
في كتاب بعنوان (كيف تكتب الرواية) يضم مزيجاً من القصص القصيرة وردت، وعدداً من المقالات الصحفية كتبها الروائي الشهير ماركيز في بدايات سنوات عمله في الصحافة، إنه واحد من أجمل الكتب الذي إذا قرأته فإنك لن تمل العودة إليه ثانية، في مقال تحت عنوان «لنتحدث عن الأدب»، يروي تفاصيل مقابلة صحفية استمرت لمدة أربع ساعات متواصلة كان قد أجراها معه المحرر الأدبي لمجلة «تايم» دون أن يبدي ماركيز أي تذمر أو تعب.
المعروف أن ماركيز ذكر هذه المقابلة كثيراً بطريقة تدل على الإعجاب والرضا التام، لسببين، الأول هو أن المحرر وطوال مدة المقابلة لم يتطرق لغير الأدب ولم يجعل ماركيز يتحدث في موضوع خارج نطاق الأدب، وأما الأمر الثاني فهو أن المحرر جاء إلى مقابلة ماركيز وهو مستعد تماماً، وهذا ما علينا مناقشته في إطار ما يعرف بمعايير المهنية الصحفية!
يصف ماركيز المحرر بأنه قرأ جميع ما كتبه وبتسلسله الزمني، كما ذهب إلى أكثر من ذلك فاجتهد في قراءة مجموعة المقابلات التي أجريت مع الروائي ! لماذا؟ ليتجنب الوقوع في تكرار الأسئلة، التي غالباً ما تغضب ماركيز وتثير نفوره، إن واحدة من أكثر السلوكيات الخاطئة والمملة هي حين يحضر إليك صحفي لإجراء مقابلة اقتطعت من وقتك لأجلها، ثم تكتشف أن أسئلته ليست سوى نقل واقتطاع لأسئلة جاءت في مقابلات قديمة!
يعتمد بعض الصحفيين في حواراتهم على ما يظنونه (ذكاء) فيداخلون بين أسئلة عدة مقابلات أو يمزجون بينها، دون أن يتطرقوا لأعمال الروائي وما كتب حولها، لأنهم لم يقرؤوها، وأحياناً لا يعرفونها، فتظهر أسئلتهم فارغة ولا جديد فيها!
عندما قرأت ذلك، تذكرت المقابلات الصحفية التي قرأتها لصحفيين مختلفين مع أدباء وفنانين وشخصيات سياسية، ومقدار التكرار الذي يقع فيه الصحفيون حين يجرون مقابلاتهم. كما تذكرت زملاء أعرفهم جيداً كانوا يؤجلون أو يعتذرون عن إجراء الحوارات الصحفية لسبب وحيد يعود إلى الأسئلة التي تبدو كطعام (بائت) يرسلها لهم بعض الصحفيين ليجيبوا هم عنها، ثم لا يتورع الصحفي عن وضع اسمه عليها!!
المصدر: البيان