تقول لنفسك: حان الوقت للاعتناء بالصحة، لا شيء أغلى من الصحة. تضع لنفسك مخططاً محكماً يبدأ بالاستيقاظ وممارسة الرياضة في الصباح الباكر وينتهي بالنوم بعد صلاة العشاء، ثم تذهب لناد رياضي كبير لتسجل فيه، فيعطيك المدرب جدولاً تدريبياً لا بأس به.. ينتابك الحماس فتبدأ القراءة والبحث عن أفضل الممارسات للحفاظ على الصحة، فتجد الجميع يتحدث عن أمرين اثنين: التغذية الصحية والنوم مبكراً ..
تقرر أنك ستنام باكراً وستترك السهر مع الأصدقاء في المقهى وستهجر مباريات الدوري الإسباني، تقول لنفسك إنك فقط ستشاهد مباريات الكلاسيكو. تبحث عن الأكل الصحي فلا تجد إلا دجاجاً محقوناً بالهرمونات ولحوماً لأبقار وحيوانات تتغذى على فضلات حيوانية وبشرية. تبحث فلا تجد سوى مزروعات مليئة بالكيماويات، ومشروبات مسرطنة. حتى العصائر الطبيعية تحتوي على نسبة كبيرة من الضرر بسبب طريقة العصر التي تجعلها ملوثة كما تفيد التقارير.. تقول في نفسك إنك ستحاول الاعتماد على لحوم الأسماك، فتتذكر كارثة مفاعل فوكوشيما النووي وكيف أن الأسماك تنتقل في البحار والمحيطات وأنك قد تأكل أسماكاً ملوثة بالإشعاعات النووية كما حذر الخبراء حينها، والذين أشاروا إلى أن آثار التلوث الإشعاعي قد تستمر لملايين السنين.. لن تأكل الأسماك وسيكون عليك أن تحذر سلالتك من تناول الأسماك لمئة مليون سنة قادمة !
تفكر في حلول لهذه المشكلة، وتتذكر محاولات بعض الدول – كالإمارات – للحد من التلوث من خلال عدة إجراءات ومخططات كإنشاء مدن خضراء صديقة للبيئة، لكنك تعرف أن المشكلة عالمية وأنها أكبر من أن تتم السيطرة عليها بجهود دولة أو اثنتين، كما أن المطاعم التي تقدم طعاماً صحياً والمتاجر التي تبيع منتجات خالية من المواد الكيميائية والهرمونات تقدم ذلك بمبالغ باهظة لا تستطيع أن تتحملها دائماً.
في غيظ مكتوم تأخذ نفساً عميقاً وتزفر أنفاساً حارة، ثم تتذكر أن الهواء ملوث، وأنك تعاني من الحساسية بسبب عوادم السيارات والغبار. تيمم شطر أقرب مطعم وجبات سريعة.. تذهب إلى المحاسب لتطلب طعاماً وتقول له: وجبة برجر (أب سايز) مع مشروب مسرطن من الحجم الكبير لو سمحت !
عبد الله قاسم