مؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان
تابعت تويتر منذ ظهوره الأول كمنصة تواصل اجتماعي حقيقية، خاصة بعد أن تحول للغة العربية، في تلك السنوات كان معظم المنضمين إليه يشكلون جماعات من المثقفين والمهتمين والمتابعين الذين لديهم بالفعل ما يقولونه، لا يعني ذلك أن لديهم خططاً لتغيير العالم، لكن يعني أنهم أناس جادون بدرجة واضحة، لم تظهر لديهم أية ميول نحو الصراعات أو التكفير والتخوين والوقاحة على الآخرين والجرأة المبالغ فيها.
كان التويتريون الأوائل منهم من يكتب الشعر، ومن يكتب في السياسة، ومن يقدم سهرات أدبية مسائية جميلة، وهنا أعترف بأن أول إطلالتي في هذا الفضاء كانت متفائلة جداً عبر تكوين مجموعة قراءة بسيطة لعرض كتاب كل أسبوع، قبل أن يعلو صراخ من هنا، وشتائم من هناك، ويتحول تويتر في معظمه إلى ساحة احتراب وصراعات.
لم يكن تويتر أو لم يترك ليكون موقع تواصل اجتماعي فقط، ولا أريد أن أذهب بعيداً لأقول بأنه لم يخترع ليكون كذلك، فهذا تفكير لا أحبذه، لأنه تفكير تدميري وهدام، لكن لنتفق بأن كل مواقع التواصل قد تم اختراقها من قبل أجهزة وجماعات وتنظيمات متباينة الأهداف، وأنه قد تم توظيفها واستغلالها لغايات مختلفة، والسيئ منها أكثر من الفعال والمفيد.
الفارق بين الإعلام التقليدي وتويتر هو أن تويتر وأشباهه حمل صفة (الإعلام الاجتماعي) أو إعلام كل مواطن، وأصبح بإمكان كل إنسان على وجه الأرض يملك اتصالاً بالشبكة وجهاز هاتف ذكي أن يكون لديه جريدة ومحطة تلفزيون وقناة على اليوتيوب ومنصات ترويج أفكاره وكتبه أو بضاعته، ودكان بضائعه المقلدة والمخبوزات التي يعدها في مطبخه ويبيعها، وأيضاً لوثاته وخزعبلاته وانحرافاته.
لقد أتاحت مواقع التواصل حرية الرأي والانفتاح على الآخر والإفادة والاستفادة، كما أتاحت فكرة عالمية الانحرافات، والاستغلال البشع والمقيت وهذا ما لا توفره وسائل الإعلام التقليدية!
الآن لماذا يتهافت من ليس لديه شيء ليقوله أو يكتبه على التواجد في تويتر؟ خاصة وأن هناك من لا يكتب شيئاً على الإطلاق، أظن أن هؤلاء إما أنهم يريدون الاستفادة بشكل بسيط، أو متلصصون وإما فضوليون، وإما أنهم يقومون بمهمة رسمية وقد يتبعون المثل القائل (حشر مع الناس عيد)، وإما أنهم يرون بأن تويتر صدقة التكنولوجيا وهم كغيرهم من مستحقيها. المهم أننا في عالمنا العربي لم نحسن استغلال مواقع التواصل كما ينبغي.
المصدر: البيان