مازن العليوي
مازن العليوي
كاتب سوري في صحيفة الرؤية الإماراتية، ويعمل حاليا في مجال إعداد البرامج الحوارية الفضائية ، رئيس قسمي الثقافة والرأي في صحيفة "الوطن" السعودية اعتبارا من عام 2001 ولغاية 2010 ، عضو اتحاد الكتاب العرب (جمعية الشعر)، واتحاد الصحفيين العرب، بكالوريوس في الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وبكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، لديه 3 مجموعات شعرية مطبوعة

خارج تاريخ المكان

آراء

لكل مكان جمالياته وتاريخه وموروثاته التي تعبر عن مراحل تطوره الحضاري والثقافي، وحين يزور أي مهتم أو سائح هذا المكان فإنه يوثق بعدسته وأوراقه وذاكرته كثيراً من تفاصيل الحياة، خاصة السابقة منها، فالقديم ربما يستهوي المرء أحياناً مثلما يجذبه الحاضر.

يشدني الكاتب في «الرؤية» والمدوّن عبداللـه المهيري بمشاهداته الدقيقة، ومن آخرها إشارته في مقال «بنكهة الرقص الشرقي» إلى شركات سياحية تأخذ السياح إلى الصحراء ليركبوا الجمال ويستمتعوا بفاصل من الرقص الشرقي، متسائلاً عن الصورة التي تقدمها شركات السياحة والفنادق عن الإمارات للسياح. وهو التساؤل ذاته الذي طرحتُه يوم تورطت مع العائلة برحلة «سفاري»، فلا شيء سوى الجِمال والحنّاء له ارتباط بالمكان وما عدا ذلك فلا يتجاوز الترفيه والترويح عن النفس ومشاهدة يمكن أن يلقاها المرء في مكان آخر.

فلا صعود سيارة الدفع الرباعي على المرتفعات الرملية من التراث، ولا فاصل الرقص الشرقي أو رقصة التنورة .. ومثلها التزلج على الرمال وتدخين الشيشة .. حتى المأكولات الشعبية تغيب ليحضر الشواء والتبولة والحمص والفلافل .. أما السياح الأجانب فتجدهم منبهرين يصورون الطقوس التي يرونها، وهم حين يعودون إلى بلادهم سيعرضونها لأهاليهم وأصحابهم على أنها من الإمارات، وهنا يكمن الخلل في نسبة أشياء إلى غير أهلها، فالرقص الشعبي موجود وفيه «العيالة» و«الحربية» و«الرزفة» و«الليوا» و«اليولة» وغيرها .. لكنه لم يكن رقصاً شرقياً أبداً، ولا ترتبط رقصة التنورة أو «الدراويش» المولوية – منذ أنشأها جلال الدين الرومي كما يقال – إلا بأمكنة أخرى مثل مصر وتركيا وبعض بلاد الشام.

كذلك أين شركات السياحة من الأكل الشعبي الإماراتي كالعصيدة والهريس والبثيث وغيرها؟ .. وما الذي يمنع أن تكون هناك جهة مشرفة على الشركات السياحية تراقب برامجها لتقدم صورة حقيقية عن المكان وإنسانه وطقوسه وثقافته وموروثاته وتاريخه القريب والبعيد؟

لا ننكر أن هناك فعاليات وبرامج جيدة في هذا الخصوص، فللمكان جمالياته وهناك من يعملون لإبرازها، غير أن بعض الثغرات تحتاج معالجة كي تصبح الصورة وفق ما يطمح الجميع، وأن يعيش كل سائح أجواء المكان خير من أن يعيشوا ساعات أو أياماً خارج تلك الأجواء.

المصدر: الرؤية