أكد خالد بن كلبان العضو المنتدب، وكبير المسؤولين التنفيذيين في شركة «دبي للاستثمار» أنه ليس لدينا خشية على مستقبل الاستثمار في الدولة فاقتصادنا الوطني محصن ضد التقلبات من خلال متابعة الدولة المستمرة لواقع السوق وتوجهاته وسن القوانين التي تنظم حركته وتحمي مسيرة التنمية.
وشدد في حوار مع «البيان الاقتصادي» على ضرورة ترتيب أولويات العمل الاقتصادي ومستهدفاته، فمع تطوير قطاعات الصناعة والمنشآت والعقارات والخدمات والتجارة والسياحة والمواصلات، «سنستحدث الحاجة للنفط لتشغيل هذه القطاعات.
وبالتالي ستعاود أسعار النفط ارتفاعها في الأسواق العالمية»، منوهاً بأنه لم يكن النفط يوماً هو الجاذب الوحيد للاستثمارات، فعوامل الجذب في الدولة ونجاحها لها علاقة بالبنية التحتية ومنظومة التشريعات والقوانين الخاصة بالسوق المحلي، إضافة إلى نشاط الشركات العالمية العاملة والاستقرار الاجتماعي، واستمرار الصرف على المشروعات طويلة الأجل ذات الميزانيات السيادية الضخمة.
وأفاد بأن الشركة تخطط لإطلاق صندوقين بالشراكة مع «المال كابيتال» للاستثمار في قطاع الرعاية الصحية والتعليم بإجمالي نحو 2 مليار درهم بواقع مليار لكل منهما، متوقعاً أن تسجل أرباح العام الجاري نمواً يتراوح بين 10% و 12% مقارنةً بنتائج سابقه 2015. فوفقاً لهذه النسب يتراوح صافي الأرباح المتوقعة للشركة للعام الحالي بين 1.21 مليار و1.23 مليار درهم.
وقال بن كلبان في حوارٍ خاص مع «البيان الاقتصادي»، إن أصول شركة «دبي للاستثمار» تقدر بنحو 16 مليار درهم، منها 9.7 مليارات في القطاع العقاري، و3.1 مليارات في القطاع الصناعي والمقاولات، و3.2 مليارات في القطاع المالي، مشيراً إلى أن الشركة تخطط لتعزيز شراكاتها في قطاعي الصحة والتعليم.
وكشف عن أن «دبي للاستثمار» وصلت إلى مرحلة متقدمة من المباحثات مع دول أفريقية لإقامة مشروعات شبيهة بمجمع دبي للاستثمار في أفريقيا، لافتاً إلى أنه على المستوى الداخلي ستبدأ خلال المرحلة المقبلة مبيعات مشروع تلال مردف الذي تطوره شركة دبي للاستثمار العقاري وهو مشروع عقاري متكامل يشمل وحدات سكنية ومستشفى وفندقاً بالإضافة إلى محال تجارية ومرافق ترفيهية.
وقال إن «دبي للاستثمار» أثبتت عبر تجربتها أنها كانت من ضمن الشركات الأقل تأثراً بالأزمة العالمية، والأقل تضرراً أيضاً من تراجع أسعار النفط، عازياً ذلك إلى تنوع محفظتها الاستثمارية والتزامها بقواعد الحوكمة والشفافية، فضلاً عن التزامها بالمبادئ التوجيهية ذاتها التي تُنظّم مسار الاقتصاد الوطني.
وأضاف أن اختيار الإمارات لاستضافة الدورتين الأولى والثانية من القمة العالمية للصناعة والتصنيع يعد مؤشراً واضحاً للثقة الدولية الكبيرة على مكانة الدولة كمركز اقتصادي متقدم.
لافتاً إلى أن القمة تشكل فرصة لتقديم الحلول التقنية الحديثة لتخفيض نفقات الإنتاج والحفاظ على جودة المنتج واستدامته وأن المختصين بالدولة معنيون بالاطلاع على هذه التجارب لإثراء خبراتهم وكذلك معنيون بعرض تجربتنا الخاصة إلى جانب الإضاءة على قدرة الاقتصاد الإماراتي في استقطاب مشروعات واستثمارات جديدة في القطاع الصناعي.
وفيما يلي نص الحوار الذي أجراه «البيان الاقتصادي» مع خالد بن كلبان العضو المنتدب كبير المسؤولين التنفيذيين في شركة «دبي للاستثمار»:
في ظل المتغيرات المحلية والاقليمية والدولية التي شهدها العام الماضي والعام الحالي ما تقيمكم لأداء الاقتصاد الوطني عموما في الفترة المنقضية من عام 2016 و توقعاتكم لعام 2017 ؟ وما توقعاتكم للحركة الاستثمارية بشكل خاص؟
يسجل الاقتصاد الوطني استقراراً خلال 2016، بل تجاوز ذلك إلى إنجازات ملموسة في عملية تنويع مصادر الدخل الوطني، ومن ناحية ثانية، عززت التقلبات الدولية من مكانة الدولة على خارطة الاقتصاد العالمي، الكثير من المراكز الاقتصادية التي كانت وجهة للمستثمرين في الماضي فقدت جاذبيتها بعد أن تركت المتغيرات الاقتصادية آثارها العميقة على فرص التنمية والاستثمار فيها.
وهذا ما دفع المستثمر للبحث عن أسواق مستقرة توفر بيئة استثمار آمنة.
كما تخطط الدولة لزيادة الصرف السيادي بنسبة 9% سنوياً حسب ما جاء في بيانات وزارة الاقتصاد التي توقعت أن ترتفع نسبة النمو من 2,7% في 2016 إلى 3,1% في 2017، و4,3% في 2020. الأمر الي يبرهن على ثقة المستثمر بالاقتصاد الوطني، والحجم الكبير من المشروعات السيادية المتوقعة في الأعوام القادمة.
فليس لدينا خشية على مستقبل الاستثمار في الدولة، فاقتصادنا الوطني محصن ضد التقلبات من خلال متابعة الدولة المستمرة لواقع السوق وتوجهاته وسن القوانين التي تنظم حركته وتحمي مسيرة التنمية.
كيف تنظرون الى مستقبل الاستثمار بالدولة بوجه عام ودبي بصفة خاصة في ظل انخفاض أسعار النفط عالميا ؟
يجب تأكيد حقيقة أن هبوط أسعار النفط جاء نتيجة لتباطؤ الانتاج العالمي وتراجع معدلات النمو والطلب على السلع حتى الأساسية منها، ولم يكن سبباً في هذا التباطؤ، حيث نعتبر التركيز في المرحلة الحالية على القطاعات غير النفطية وعلى تحريك عجلة الاقتصاد المحلي والعالمي، سيرفع من معدلات الطلب على المواد الخام ومن بينها النفط.
ويلزم ترتيب أولويات العمل الاقتصادي ومستهدفاته، إذا طورنا قطاع الصناعة، وقطاع المنشآت والعقارات والخدمات والتجارة والسياحة والمواصلات، سنستحدث الحاجة للنفط لتشغيل هذه القطاعات، وبالتالي ستعاود أسعار النفط ارتفاعها في الأسواق العالمية.
كما أن النفط لم يكن الجاذب الوحيد للاستثمارات، فعوامل الجذب في الدولة ونجاحها لها علاقة بالبنية التحتية ومنظومة التشريعات والقوانين الخاصة بالسوق المحلي ونشاط الشركات العالمية العاملة فيه.
وكذلك لها علاقة باستقرار معدلات النمو، والاستقرار الاجتماعي واستمرار الصرف على المشروعات السيادية من قبل الدولة وطرح العطاءات للمشروعات طويلة الأجل وذات الميزانيات السيادية الضخمة.
لقد عززت دولة الإمارات من ثقة المستثمر المحلي والأجنبي بعد أن أثبتت كفاءة عالية في تجاوز تداعيات الأزمة المالية العالمية الأخيرة، وتعمقت هذه الثقة بعد أن واصل اقتصادها نموه وزخمه حتى في ظل تراجع أسعار النفط، لذلك جاء تصنيف دولة الإمارات في المرتبة الأولى إقليمياً والـ 16 عالمياً في تقرير التنافسية العالمي ليؤكد صحة هذه القراءات وصحة التوجه العام للأسواق والسياسات الاقتصادية الإماراتية.
أصول
ما حجم أعمالكم حالياً ؟ وهل تعتزم الشركة الدخول في شراكات جديدة خلال الفترة المقبلة ؟ وما الكيانات المستهدفة في المجال؟
مع نهاية الربع الثالث 2016، بلغ حجم أصول شركة دبي للاستثمار 16 مليار درهم، موزعة كالتالي: 9,7 مليارات في العقارات، و 3,1 مليارات في الصناعة والمقاولات، و 3,2 مليارات في القطاع المالي.
ولدينا توجه لتعزيز شراكاتنا في قطاعي الصحة والتعليم، كما تخطط الشركة لإطلاق صندوقين بالشراكة مع «المال كابيتال» للاستثمار في قطاع الرعاية الصحية والتعليم بحجم مليار درهم لكل منهما. كما ساهمت دبي للاستثمار بنحو 90% من إجمالي تكلفة جامعة «مودول النمساوية» التي افتتحت في دبي في سبتمبر الماضي، وساهمت بنسبة 26,75% من مستشفى «لندن كينج كوليدج» الذي سيفتتح في 2018.
وفي قطاع الصناعة، دخلت الشركة في مشروع مشترك مع دوبال وشركة مارس ومقرها سنغافورة لبناء مصنع للألمنيوم، إميرول، بكلفة 440 مليون درهم في منطقة خليفة الصناعية في أبوظبي، واستحوذت على 20% إضافية في الشركة العقارية للاستثمار، لتصل حصتها 70%. كما أنشأت شركة جديدة، «باليسيدس للتطوير»، ستقوم بتسويق وتأجير وبيع وشراء أراضي في مشروع باليسادز السكني الجديد داخل مجمع دبي للاستثمار.
القطاع الصناعي يعكس استدامة التنمية
أوضح خالد بن كلبان أن المراكز الاقتصادية القوية في العالم تشترك بسمات أساسية، على رأسها الصناعة والإنتاج وتوسيع هيكل الصادرات على حساب هيكل الواردات. فالإنتاج الصناعي يعني أن تمتلك الدولة القدرة على استكمال نموها الاقتصادي بالاعتماد على الإنتاج المحلي الذي يعتبر أقل تكلفة من المستورد، وبالتالي ينسجم هذا التوجه مع سياسة ترشيد الاستهلاك وتخفيض نفقات الإنتاج في كافة القطاعات الاقتصادية.
ولفت إلى أن اختيار الإمارات لاستضافة الدورتين الأولى والثانية من القمة العالمية للصناعة والتصنيع، يعتبر مؤشرا واضحا على الثقة الدولية الكبيرة بمكانة الدولة كمركز اقتصادي متقدم، هذه الثقة التي تعززت بفعل منظومة العمل المتكاملة التي تجمع بين حرية السوق من ناحية والضوابط القانونية والتشريعية من ناحية ثانية.
التجربة الاقتصادية الإماراتية غنية وهامة حيث استطاعت عبر مسيرتها أن تستحدث شكلاً جديداً من العلاقة بين الابتكار وبين الضوابط والمعايير، هذا الشكل هو ما يحتاجه الاقتصاد العالمي للنهوض من أزمته الحالية، وهو الذي ضمن لدولة الإمارات أن تنتقل بشكل سلس من الاعتماد على النفط إلى التصنيع والانتاج لمختلف السلع.
وفي حديثه حول مساهمة القطاع الخاص في الدولة، القطاع الخاص مكون أصيل من تجربة الاقتصاد الإماراتي، ويحظى برعاية الجهات الرسمية كالقطاع العام تماماً.
إن مساهمة القطاع الخاص في مجمل اقتصاد الدولة، يعكس حجم مساهمته الكبيرة في القطاع الصناعي. لقد كفلت الدولة لهذا القطاع كافة مقومات النجاح، ونحن نتمنى أن يتواصل التشجيع الحكومي لهذا القطاع الحيوي والهام في مسيرة التنمية.
فالمنتجات الأجنبية الواردة للدولة خصوصاً تلك المصنعة في مناخات توفر أيدي عاملة ومواد أولية رخيصة، تنافس المنتج المحلي وتحد من انتشاره في قطاعات العمل داخل الدولة، من الممكن في هذا الإطار ان يتم تنظيم تدفق السلع الأجنبية عبر قوانين توازن ما بين عدم الإنغلاق بالكامل أمام هذه السلع، وعدم إغراق السوق بها. واعادة النظر في الرسوم الجمركية على بعض المواد الأولية.
كما أن هناك ضرورة لرفع مستويات الدعم الحكومي للمنتج الوطني من خلال تخفيض الرسوم ذات العلاقة بالكلفة الإنتاجية، ومنح تسهيلات خاصة للشركات التي تنفذ مشروعاتها بالاعتماد على المنتج الوطني في جميع أو معظم عملياتها. بالإضافة إلى تسهيلات جلب العمالة والكوادر المؤهلة ذات التجربة في تشغيل وإدارة المصانع.
في المقابل، يجب أن يساهم القطاع الخاص في مسيرة التنمية الاجتماعية سواء من خلال التركيز على قطاعي الصحة والتعليم وتأهيل الكوادر أو من خلال المسؤولية الاجتماعية للشركات التي يجب أن ترتقي إلى مستوى تنفيذ مشروعات مشتركة لتحقيق الاستدامة البيئية والحفاظ على الثروات الطبيعية وترشيد الاستهلاك وتخفيض نفقات التشغيل.
عملية التوطين متواصلة
أفاد خالد بن كلبان بأن خطة التوطين ليست مسألة موسمية، وليست مرتبطة بنسبة معينة، معتبراً إياها عملية متواصلة ونتائجها مرتبطة بجملة من العوامل الذاتية والموضوعية، مؤكداً التزام «دبي للاستثمار» بسياسات التوطين، وبرفع كفاءة الكوادر البشرية العاملة فيها، المواطنة وغيرها، لافتاً إلى أن الشركة ترحب بجميع المواهب والتخصصات التي تحتاجها على أساس الكفاءة في الأداء والإلتزام بسياساتها.
وفيما يخص تحول أجزاء من الشركات العائلية الى شركات مساهمة عامة بشكل تدريجي، علق بن كلبان بقوله: هذا يتوقف على حجم الشركة، فالشركات التي تتوسع لتحتل مساحة من السوق المحلي أو حتى الأسواق الإقليمية، يمكن أن تتحول إلى شركات مساهمة محدودة للحفاظ على طابعها كشركة ذات نشأة عائلية.
وأشار إلى أهمية الحفاظ على الشركات العائلية تكمن في دروس السنوات التي تلت الأزمة العالمية.
%20
قال خالد بن كلبان إن رؤية الإمارات 2021 تستهدف أن يصل إسهام قطاع الصناعة إلى 20% خلال الأعوام الخمس المقبلة. موضحاً أن التقديرات الرسمية تشير إلى تجاوز الاستثمارات في القطاع الصناعي 170 مليار درهم في 2017، فضلاً عن السعي الحثيث للجهات الرسمية في الدولة لتنظيم القطاع الصناعي عبر سلسلة قوانين مثل قوانين التنظيم الصناعي وحماية الملكية الصناعية ومكافحة الإغراق والاستثمار الأجنبي المباشر.
قدرة في التعاطي مع جميع المتغيرات
أكد خالد بن كلبان نجاح «دبي للاستثمار» في استيعاب التطورات الناجمة عن تراجع أسعار النفط العالمية، بالرغم من حساسية مجتمعات الأعمال من المتغيرات، الذي اعتبره شيئاً طبيعياً نابع من ضرورة إعادة تقييم الاستثمارات والأعمال بعد كل حدث مستجد على الساحة الإقليمية والعالمية.
وبيّن أن المقياس الرئيس لكفاءة أي شركة هو قدرتها على التغلب التجاوز السريع للانعكاسات الأولية للأحداث، وقد أثبتت شركة دبي للاستثمار عبر تجربتها انها كانت من ضمن الشركات الأقل تأثراً بالأزمة، والأقل تأثراً أيضاً بتراجع أسعار النفط.
والسبب في ذلك يعود إلى تنوع محفظتها الاستثمارية وتوزيع استثماراتها على أكثر من قطاع اقتصادي واحد. لدى الشركة استثمارات في قطاع الصناعة وقطاع التطوير العقاري وإدارة العقارات وقطاع الخدمات والقطاع المالي، ومؤخرا في قطاعي الصحة والتعليم.
وأضاف: لدى الشركة نقطة قوة رئيسة، وهي إدارتها الحديثة والتزامها قواعد الحوكمة والشفافية والتزامها المبادىء التوجيهية ذاتها التي تنظم مسار الاقتصاد الوطني.
وأكد أن قطاع الصناعة الوطني مؤهل إلى أن يكون الشريك الأساسي في التحول لاقتصاد ما بعد النفط، وعلى أساس هذه الرؤية يجب توفير كافة مقومات نجاحه ليغطي مساحة كبيرة من السوق المحلي ويستطيع تصدير منتجاته للأسواق الخارجية.
المصدر: البيان