كاتب إماراتي
عندما نقول ابتلينا فنحن ورب العزة فعلاً قد ابتلينا ذات اليمين وذات الشمال، المزيفون المتملقون المتصنعون منتشرون في كل مكان، سابقاً لم نكن نعرفهم أو نسمع عنهم، لكن بات بإمكانهم الآن إرسال كل ما هو فاسد بكل يسر وسهولة، عبر الإنترنت، ووسائل التواصل الاجتماعي.
أعرف أحدهم ممن يعاني عقدة النقص، كان قبل ثورة الإنترنت منطوياً على نفسه، ليس لديه أصدقاء، يشك في من حوله، ويتجنب الدخول في أي نقاش، لكن الإنترنت أعطته الفرصة، ليحاول أن يبدو مختلفاً، يرتدي رداءً لا يناسبه، ليُظهر أنه المثالي والمتحضر والإنسان الراقي، يتحدث عن الاختلاف والتعامل الحسن، يحاول أن يفصّل الدين على هواه، يروّج نظريات غريبة، يغلّفها بالمثالية والإنسانية، ولو تعارضت مع الشريعة الإسلامية، فعلياً هو يعتقد أن الدين مثل البوفيه المفتوح، يختار منه ما يشاء، ويترك منه ما لا يعجبه.
كثيرون تحولوا فجأة إلى خبراء في كل شيء، يتحدثون في السياسة ولو كان الواحد منهم ناجحاً بالواسطة، وغيرهم توهموا أنهم يفهمون في علم الاجتماع، فبدأوا في الحديث عن نظريات اجتماعية جديدة خربوطية، لو اطلع عليها ابن خلدون لحرق جميع كتبه في علم الاجتماع، وتفرغ لأمور أخرى غير العلم والكتابة، ناهيك عمن لا يحفظ المعوذتين، ورغم ذلك يتحدث في الدين، يفتي ويحلل ويحرم على ما يناسب هواه وتفكيره المنحرف.
وهناك نوعية أخرى «معاهم.. معاهم، عليهم.. عليهم»، هؤلاء لديهم خاصية التطبيل، وخاصية الدفاع، ولو كان المطبل قد وقع في خسة أعماله، هم صم بكم عمي لا يفقهون، وفي أحيان أخرى يفهمون، لكنهم «يستهبلون»!
هذا بخلاف تجار الدين، وتجار الهوى، وتجار الحرية، وغيرهم الكثير، هؤلاء لا يختلفون عن بعضهم بعضاً، كل نوع يقاتل من أجل الوصول إلى هدفه، ويهيل النار صوب قرصه، وليست لديه مشكلة في ممارسة أبشع وأقذر الأساليب لتحقيق مآربه، وحشد الآخرين لمؤازرته ومساعدته.
كنت في فترة معينة أعتقد أن الأقنعة موجودة في وسائل التواصل الاجتماعي، لكن بتُّ الآن متيقناً أنها ليست أقنعة، بقدر ما هي الحقيقة التي عجزنا عن اكتشافها في الواقع.
عن نفسي كنت، في ما مضى، أتضايق مما أراه وأقرأه، بيد أني حالياً مستمتع جداً بكشف الأقنعة، التي اتضح أنها الواقع الحقيقي لشخصيات اكتشفت أنها على أرض الواقع مزيفة!
المصدر: صحيفة الإمارات اليوم