رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
يبدو أن وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، اختلطت عليه الأمور، خلال اجتماع مجلس جامعة الدول العربية الوزاري، الذي عقد أمس، عبر تقنية «الفيديو كونفرنس»، فلم يستطع التفريق بين كونه وزيراً لخارجية فلسطين، وكون بلاده تترأس دورة المجلس في هذا الاجتماع، ما أدى إلى حدوث جدل «بيزنطي»، كانت نتيجته إنهاء الجانب الفلسطيني لأعمال المجلس، وإلغاء مشروع القرار العربي، حول متابعة التطورات السياسية للقضية الفلسطينية!
المالكي رفض قراءة مسودة القرار، وماطل في رفضه، إلى أن أنهى الجلسة، رغم أن مشروع القرار كان متوازناً، وجميع بنوده كانت تصب في مصلحة القضية الفلسطينية، مثل تأكيد الإجماع العربي على أن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية بالنسبة للأمة العربية جمعاء، وتأكيد أن الطريق الوحيد لتحقيق السلام الشامل في الشرق الأوسط، هو حل الدولتين على حدود 67، وتأكيد حق دولة فلسطين في السيادة على عاصمتها القدس الشرقية، ومقدساتها، ورفض «صفقة القرن» الأميركية وقرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة إليها!
رغم هذا كله، فالوزير الفلسطيني استغل وجوده كرئيس للاجتماع الوزاري، وأصر على عدم قراءة مشروع القرار، بل وإلغائه وإنهاء الاجتماع، خلافاً لكل التقاليد المتعارف عليها في اجتماعات المجالس الوزارية للجامعة العربية، لأنه بكل بساطة كان يريد توجيه القرار إلى لغة الشجب والتنديد البالية والمرفوضة، والتي عفى عليها الزمن والمكان والتاريخ!
وفي كلمته، وباعتباره رئيساً للدورة الحالية، تعرض المالكي لموقف الإمارات بصورة سلبية، وهذا أمر مؤسف، فالإمارات اتخذت قراراً سيادياً واستراتيجياً خالصاً، باعتبارها دولة مستقلة، بالتوقيع على معاهدة سلام مع إسرائيل، والاتفاق يتضمن، من بين أمور أخرى، موافقة إسرائيلية، وضماناً من الولايات المتحدة الأميركية بتجميد ضم الأراضي الفلسطينية، وهذا إنجاز وخطوة مهمة في اتجاه السلام.
كما أن الإمارات دولة تستطيع التفريق بين المواقف السياسية، والعلاقات الدولية، وتوقيع معاهدة السلام مع إسرائيل لا يعني أبداً الإخلال بالمبادئ والثوابت تجاه القضية الفلسطينية، والتي تعتبر نهجاً ثابتاً وراسخاً في سياسة الدولة، وفي هذا السياق تؤكد الإمارات، دائماً وأبداً، على موقفها المستمر في دعم الحق الفلسطيني، والعمل من أجل السلام في المنطقة، والإمارات متمسكة على الدوام بدعم قيام دولة فلسطينية على حدود 67، عاصمتها القدس الشرقية، ومعاهدة السلام مع إسرائيل لن تغير في هذه الثوابت التي تؤمن بها الإمارات، بل إنها خلقت زخماً لم يكن موجوداً من قبل، للعمل باتجاه حل الدولتين.
إقامة علاقات تعاونية، قائمة على الاحترام المتبادل، والتعاون الجاد في مجالات طبية وعلمية وتكنولوجية وتجارية مع إسرائيل، أمر لا علاقة له إطلاقاً بموقف الإمارات السياسي الثابت تجاه القضية الفلسطينية، فما الذي يزعجهم في هذا الأمر؟! وقبل أن ينزعجوا عليهم أن يعرفوا أن قرار إقامة العلاقات مع دول العالم، هو في صميم سيادة الدول، ولكل دولة الحق بمباشرة ذلك، وفق مصالحها الاستراتيجية ونظرتها للمستقبل، وهذا أمر تضمنه القوانين والأعراف الدولية، ويؤكده ميثاق جامعة الدول العربية!
المصدر: الإمارات اليوم