
زياد فؤاد: لسنوات طويلة تربع الدولار عملة الولايات المتحدة الأمريكية على عرش الأسواق العالمية، وصار بوصلة الاقتصاد العالمي، وفي أيام قليلة وبسبب قرارات الإدارة الاقتصادية الأمريكية، دخل الدولار أوان الخريف، بعدما وصلت العملة الأمريكية لأدنى مستوى لها منذ 3 سنوات، بعدما كانت قد تراجعت وقتها بسبب الأزمة العالمية التي تسببت فيها جائحة كورونا، ووفقاً لرويترز خسر الدولار 1.7% من قيمته في جلسة واحدة نهاية الأسبوع.
وكان الدولار قد هبط وقت جائحة كورونا بسبب الإجراءات الاقتصادية، واهتزاز اقتصاديات العالم كله في ظل صعوبة سلاسل التوريد وما خلفته الإجراءات الاحترازية.
ويؤكد مؤشر الدولار الأمريكي ICE أن الدولار خلال 4 أشهر فقط، فقد 8% من قيمته، ليهبط تحت مستوى 100 نقطة، وقال المحلل المالي مارك تشاندلر إن أكبر ضرر لما يحدث على الساحة الاقتصادية هو اهتزاز سمعة الولايات المتحدة كقوة اقتصادية.
وذهب المحللون إلى اعتبار الوضع الحالي للدولار أسوأ من «صدمة نيكسون» التي حدثت في عام 1971، عندما فك ريتشارد نيكسون رئيس الولايات المتحدة في ذلك الوقت الارتباط بين الدولار والذهب وأدى الأمر وقتها لارتفاع في معدلات البطالة، وهروب لرؤوس الأموال.
ظاهرة هروب المستثمرين ورؤوس الأموال يطلق عليها الخبراء «إضراب رأس المال»، وتلك الظاهرة بادئة في الحدوث على حد تقارير نشرتها مؤسسة «ماركت ووتش»، بهروب المستثمرين وبدء عمليات بيع بشكل جماعي للسندات والأسهم.
رد فعل حكومي
ويأتي تصرف الحكومات في مثل هذه الظروف كرد فعل، حيث تبدأ عمليات رفع عوائد السندات لمحاولة إقناع رأس المال بالبقاء، وفي أمريكا وصلت العوائد على سندات الـ10 سنوات لـ4.49% (أعلى نسبة من 2001)، وعوائد سندات الـ30 سنة قفزت لـ4.87% (أعلى زيادة من 1987).
ولم يعد أمام أصحاب رأس المال في ظل الوضع السائل غير المستقر، سوى اللجوء للذهب والذي ارتفعت أسعاره بشكل غير مسبوق، كما سترتفع العملات الرقمية بشكل لافت في الأيام المقبلة، كبدائل أكثر استقراراً للاستثمار.
وفي تقرير نشرته مؤسسة «غراي سكيل» الاستثمارية يشير إلى أن البيتكوين ربما يصبح المستفيد الأكبر من انهيار الدولار، وأن الأزمة الحالية قد تساعد العملات المشفرة على منافسة الذهب، وهو الأمر نفسه الذي أشار له الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي نشر تدوينة عبر منصته «تروث سوشيال» قال فيها إن الوقت الحالي هو وقت العملات المشفرة.. مما قد يعطي دلالة أن القرارات الاقتصادية الحالية، ربما تكون موجهة لخدمة ذلك القطاع، أو لدعم توجه اقتصادي جديد لجمع الأموال من خلال قطاع العملات المشفرة.
جمع الأموال
وعملية جمع الأموال أمراً ليس مستغرباً على فكر الإدارة الأمريكية، حيث سبق للرئيس ترامب أن حث الناس في تدوينة له على شراء الأسهم في مجموعته المالية وقت هبوط أسعار الأسهم وتأثرها بالقرارات، قبل أن يعلق ويؤجل تطبيق بعض القرارات لتصعد الأسهم من جديد، مما جعل شركته تتربح بشكل ضخم.
وإذا كان الذهب معلوماً أوله وآخره، فالأمر لا ينطبق على العملات الرقمية التي لا يُعرف لها أب شرعي، وبالتالي قد تكون أكثر خطورة من الوضع الحالي للاقتصاد الأمريكي.. فترى إلى أي اتجاه ستقود القرارات المتضاربة والمتعجلة للإدارة الأمريكية، والجمارك المفروضة والملغاة والمعلقة، والمعاد تفعيلها، وإلى آخر هذه الدائرة غير المنتهية من القرارات الاقتصادية غير المدروسة.. أو المدروسة في الاتجاه غير الصحيح؟
المصدر: البيان