كاتب عمود يومي في صحيفة الوطن السعودية
حزنت جدا وأنا أستمع لشيخ فارسي معمم في مقطع قصير وهو يقول بكل صلف وغرور ما يلي: “نعم نحن أقلية مذهبية ولكننا اليوم نسكن ونربض فوق ما يقرب من 70% من النفط العالمي وبالتالي نسيطر على ثلث اقتصاد هذا العالم. نعم، نحن أقلية مذهبية ولكننا اليوم نحكم عواصم أربع دول عربية جوهرية، من سورية إلى العراق، ومن اليمن إلى لبنان. نعم نحن اليوم أقلية مذهبية ولكننا نسيطر على باب المندب ومضيق هرمز، ولم يعد لدى السنة سوى “قناة السويس” ولا معنى لهذه القناة إذا ما أقفلنا الباب وأغلقنا المضيق..”. لم يكن هذا الشيخ الفارسي المعمم يتحدث في صالون خاص أو في دهاليز ندوة محصورة مغلقة. كان يتحدث إلى طلاب جامعة طهران وهي ذات المعمل الذي يتبارى فيه دهاقنة السياسة الفارسية ومن منبرها تخرج أشهر خطبة جمعة.
وفي تاريخي مع الكتابة يعلم الجميع أنني تماما ضد تقابلية المذهب وضد التصنيف الطائفي على مرتكز المعتقد، لكن حديث هذا المعمم الإيراني الفارسي لا يشير سوى إلى حالة واحدة: استغلال العاطفة المذهبية من أجل الهدف العرقي. إحياء الأرومة الفارسية باستغلال الدين.
والخلاصة ما يلي: خرجت ملايين بني يعرب إلى الشوارع في كذبة “الخريف” العربي لتصنع وتخلق نهرا جارفا يصب اليوم في قم وشيراز وينتهي “بربيع” فارسي بالغ الخطورة. هذه هي البراهين: قاسم سليماني، جنرال الحرس الثوري الإيراني هو من يحكم بغداد، وهو أيضا للمأساة المفجعة، صدر نشرة الأخبار في العنوان الأول على القناة الرسمية في تلفزيون “العراقية”. عبدالملك الحوثي بات اليوم رقم اليمن الأصعب، وللمأساة أيضا يوقع الاتفاقية الرسمية ما بين حركة وبين دولة بثمان وعشرين رحلة طيران مجدولة إلى مدن اليمن فماذا تحمل هذه الطائرات المكثفة ما بين دولة مثل “اليمن” وبين إيران؟ تعيش بيروت تحت رحمة المعمم الأشهر “حسن نصرالله” الذي لا يفرق ما بين مد رجليه وبين اكتساح العاصمة في أي لحظة يشعر فيها بتهديد لمصالح إيران على الجبهات العربية. ودعك من “الطامة” الكبرى المد والامتداد الفارسي الإيراني هو من حفظ رأس “بشار” وأخرجه من المأزق حتى استمعنا إلى متحدث “البيت الأسود” الأميركي يقول البارحة إننا “مضطرون إلى المحادثات معه”. نجت الشقيقة الكبرى “مصر” من هذا المخطط بمعجزة وإلا فكلنا يذكر ويتذكر أن “محمد مرسي” أول رئيس عربي يزور طهران منذ خمس سنوات ثم يدغدغ عواطفنا ليكذب علينا وهو يبدأ خطابه بالسلام على “أبي بكر وعمر”.
باختصار نهائي: ثارت العرب في خريفها الرمادي لتصنع ربيعا أخضر لاستعمار “تقية” مخيف للعرق الفارسي الإيراني.
المصدر: الرياض أون لاين
http://alwatan.com.sa/Articles/Detail.aspx?ArticleID=25529