من منا بلا خطيئة فليرفع يده كي ننزله منزلة الأنبياء والصالحين. هل رفع أحدكم يده؟
في حياة الإنسان غالباً لحظات ضعف وتهور وسوء تقدير. يكاد يكون مستحيلاً أن يحيا المرء من دون خطيئة.
مسكين من انفضحت خطيئته في محيط منافق يسن سكاكين الشماتة والتشهير بمن ينكشف أمره. وهؤلاء الذين يفرحون بفضيحة من حولهم تناسوا أنهم ليسوا ملائكة ولا أنبياء، ولو صارحوا أنفسهم قليلاً لاستحضروا “لحظات سوداء” في مرحلة ما من حياتهم.
وهنا نفرق بين “الخطيئة” التي فقط الأنبياء وحدهم معصومون منها، وبين “الجريمة” التي هي في الأصل “شذوذ” عن قيم وأخلاقيات الإنسانية. من منا نقي من خطايا عابرة، صغيرة أو كبيرة؟ ولكن ما الذي يدفع بالبعض للفرح بـ”غلطة” إنسان وبذل الجهد في الترويج لها، وما يصاحبها من إشاعات تزيد من مأساة صاحبها، ومن حوله، داخل أسرته ومجتمعه الصغير؟ أي قيم وأخلاق ومبادئ نتحدث عنها، وفينا من ينتشي فرحاً بالفضيحة ويبذل قصارى الجهد للترويج لها، وإضافة الكثير من “البهارات” عليها وحولها؟ وأي ثقافة تصنع من “الفضيحة” حديث الناس وفرصة للشماتة والتندر والسقوط من عين المجتمع، الذي تنخر في جسده -أصلاً- كل أشكال النفاق والخداع؟
نحن فعلاً نعيش “عصر الفضيحة” خاصة وقد أتاحت التقنية الحديثة للبعض صناعة “الفضيحة” أو تزويرها والترويج لها. وإنك إن رأيت مجتمعاً يحتفي بالفضيحة ويجعلها خبز يومه، فإنك أمام مجتمع “مسكين”، يغض الطرف عن قضاياه الحقيقية، في التنمية والتعليم والإدارة، ليتفرغ لأخبار “الفضيحة” ضارباً عرض الحائط كل خطابات “الفضيلة” التي شبّ وشاب عليها التي منها “من ستر على مسلم ستر الله عليه”!
نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق بتاريخ 9 يناير 2012