كاتب سعودي
كأنني أشم رائحة مؤامرة إمبريالية غربية للنيل والانتقاص من أمجاد العرب الضاربة أطنابها في عمق التاريخ وفي الجو والبر والبحر.. إنها أمجادنا التي نتوسدها في كتبنا الصفراء والسوداء والتي ننام على ذكرها ونطاول العنان بسردها وجردها أمام مسامع أبنائنا الذين بدأت تسلب عقولهم ـ للأسف الشديد ـ بعض المخترعات “الهايفة” والإنجازات العادية التي ألهتهم وشغفت ألبابهم حتى صار شغلهم الشاغل متابعة الأحدث من أجهزة “الآي فون” وما تناسل من عائلته، والحال مثله مع “الآي باد” “والآي بود” و”المش ولا بد”، وما علم أبناؤنا المغرر بهم أننا السابقون في اختراع الهاتف قبل المنسوب إليه الاختراع ظلماً وعدوانا، وأعني السيد جراهام بيل، وللتأكيد على ذلك مما لا يدركه صغارنا أننا حين كنا في أعمارهم، بل وأقل، نعمد إلى “قواطي” الصلصة ثم نثقب باطن العلبة بمسمار بعد أن تفرغها الوالدة من مسحوق الطماطم، ثم نفعل الشيء نفسه بعلبة أخرى، ثم نربط “القوطيين” بسلك وتكون كل علبة في يد أحد الصغار ويمسك الأخرى طفل آخر في الضفة الأخرى من الشارع ثم نتحدث مع بعضنا عبر هذا “القوطي”، وللأمانة فقد كان يمر من حولنا بعض لابسي البناطيل من الأوروبيين الذين كانوا يعملون في شركة أجنبية، فلربما أن أحدهم وشى للسيد جراهام بيل بما نفعله فقام بتطبيق الفكرة “حقتنا ” فصارت تليفونا ونسب الفضل في ذلك له ولعبقريته وراح جهدنا المبكر “ملح” كما يقولون.
وعلى هذا يمكنك القياس على كثير من الاكتشافات التي نسبت للغرب الفاجر ظلماً وبهتاناً، بل إن هذا “الآي فون” إنما ابتدعه رجل عربي من أصل سوري لكنهم حاولوا تضليلنا عندما زوروا اسمه وجعلوه “ستيف جوبز”، لكننا عرفنا ـ ولو متأخراً بعد أن مات ـ أن اسمه عبدالفتاح جندلي، ولو فطنت لكيدهم لأدركت حجم تآمرهم علينا وتعمدهم تغييب أمجادنا اللاحقة والماحقة وذلك من خلال تغطيتهم لاسمه الحقيقي، لكن مع ذلك فإن لؤمهم انكشف وخداعهم تعرى، لأن حبل الكذب قصير.. وما علينا إلا أن نقول: “يا خواجة حركاتكم ما تمشي علينا يا هبيبي”!
أيضاً، فإن أول طيار مدني في التاريخ هو عباس بن فرناس.. وله قصب السبق قبل الأخوين رايت، وقس على كثير من هذه المثائل والإنجازات، فلماذا أزعجونا بهذا المتهور “فيليكس” وهو الذي غاب عن فطنة الكثيرين غيري أنه كان يعاني ـ كما أظن ـ من حالة نفسية دفعته إلى التفكير في الانتحار لكنه كان يدرك أن الناس ستمنعه من الانتحار لو أقدم عليه جهاراً نهاراً، ولهذا قرر أن ينتحر تحت مظلة المشروعية من خلال فكرة القفز من كبسولة ومحاذاة الغلاف الجوي، وكان فيليكس قد توقع أن يتفتت ويحترق جسمه قبل أن يصل إلى الأرض لكن قانون “نيوتن” خذله ووصل إلى الأرض سالماً معافى وطار بمجد الرقم القياسي الذي لم يكن في تخطيطه، ومع ذلك فأين رقم فيليكس القياسي من أرقامنا العربية التي لا يمكن مجاراتها أو تحطيمها وهي موثقة في موسوعة “جينس” للأرقام القياسية؟ فنحن العرب بلا فخر أصحاب أكبر فطيرة لحمة بالعجين في العالم (أجل!!) ونحن صناع أكبر تي شيرت وأكبر “جلابية” وأكبر “مسبحة” في العالم، وأكبر قبعة جامعية (نعم)، ومنا أول واحد استطاع أن يقضم 32 تفاحة في دقيقة واحدة، وهذا لعمري إنجاز كبير، ولدينا أكبر “لمبة ثرية” وأكبر كرة قدم مصنوعة من الجلد في العالم، وعندنا من استطاع أن يلتهم أكبر عدد من العقارب (22 عقربا) في وجبة واحدة، ولم يسبقه إلى ذلك الإعجاز أحد من العالمين (طبعاً)، وبيننا من استطاع أن يكون أسرع معلم في العالم في صنع ولف سندوتشات الشاورما (يا عيني)، وبلا شك أنني سأتعب وتتعبون لو واصلت تعداد أرقامنا وإنجازاتنا القياسية الباهرة في محيط المأكل والملبس، أي في نطاق الشاهي والملاهي على نحو يسعد النفوس ويوسع الصدور، ولسنا مثل الغربيين الذين يجلبون لأنفسهم الهم والنكد ويتكلفون من الأعمال والدراسات الشيء الكثير الذي يستغرق أوقاتهم في المعامل ومراكز الأبحاث وقاعات الدروس.
انظر إليهم وهم يشغلون أنفسهم في وكالة “ناسا” للفضاء، فمرة يبعثون مركبة “أبولو” للقمر وبمعيتها السيد آرمسترونج الذي هبط كأول إنسان على سطح القمر.. ثم ماذا؟
إنهم لم يكتفوا بذلك بل أخذوا يجرون الدراسات عن المريخ، وهل هو كوكب مأهول أم لا؟ وهل به ماء أم لا؟ وأمضوا في ذلك السنين الطوال التي أهدروا فيها مئات الملايين من الدولارات، وأخيراً اضطروا في مزيد من “اللقافة” والحشرية أن يرسلوا مسبار “كيريوسيتي”، الذي استمر يحلق في الفضاء لمدة ثمانية أشهر فقط.. تخيل كيف أنها ثمانية أشهر قطع خلالها 566 مليون كيلومتر، ثم هبط بعدها في المريخ وصار هذا المسبار يبعث للمحطة الأرضية بصور عن المريخ، فبالله عليك ـ أيها القارئ الكريم ـ ألا تتفق معي بعد هذا أن علماء “ناسا” فاضون ومسرفون، كيف ـ والوقت من ذهب ـ يهدرون ثمانية أشهر يقطعون خلالها هذه المسافة الطويلة الموغلة في البعد، فقط ليلتقطوا صورا لمجرد أن يعرفوا من بعدها هل يوجد في الكوكب الأحمر ماء أم لا؟ بما يعني أنه لو وجد الماء فإن المريخ صالح للسكنى والعيش!! وبالله عليك مرة أخرى هل ضاقت الأرض حتى يبحثوا عن إمكانية العيش في المريخ؟! أين هم من الغابات الواسعة والصحاري الشاسعة والمخططات العقارية أو “البلوكات” غير المأهولة؟ ألم أقل لك عزيزي القارئ إنهم أمة فاضية، ويمضون جل وقتهم في هذه التسلية الفارغة.. لا شك أن العاملين في وكالة “ناسا” أناس “داجة ومنحاسة”.
أرجو بعد هذا الكلام ألا يزعجنا المصابون بعقدة الخواجة وفيليكس وقفزته الانتحارية ولا بكير يوستي أو غير ذلك من الصرعات الغربية، ولنرفع رؤوسنا عالياً، فمعظم أرقام موسوعة جنيس القياسية عربية 100% . صحيح أن معظمها أرقام تافهة وساذجة، وأن معظمها يتمحور حول الطعام والملبس أو الغرائبيات لكنها مع ذلك قياسية، وهي مسجلة حصرياً باسمنا ويحق لنا نحن العرب أن نفتخر بها، فهي امتداد لتاريخنا العريق وما علينا إلا أن “نطنش” عن سماع من يتهمنا بالتخلف وقصور النمو عندما يدرجنا بعض الحساد في قوائم الدول النامية أو النايمة، ولنثق بأنفسنا ونرفع عقيرتنا بنشيدنا النائم على أمجاد الماضي السحيق: سل صفحة الأيام.. تنبيك عن إقدامي.. واسأل جميع الناسِ.. عن عزمتي وباسي. و”أمجاد يا عرب أمجاد”.
المصدر: الوطن اون لاين