تسعدنا دورات كأس الخليج، نفرح بها، ونتابعها حتى وإن كنا غير مهتمين بكرة القدم، تناقلنا هذه المشاعر من جيل إلى جيل، أحببنا أسماء لمعت، وتشاركنا في بيوتنا المناقشات، رجالاً ونساء وأطفالاً، متعتنا تختلف عن تلك المتع التي نعايشها ونحن نشاهد كأس العالم أو بطولة الأندية الأوروبية أو كأس أوروبا أو كأس آسيا، رغم أن منتخباتنا الخليجية تشارك في البطولة الأخيرة، ولكن طعمها لا يشبه طعم كأس الخليج العربي.
هناك في كأس العالم أو الكأس الأوروبية عمالقة كبار ليس لهم مثيل، مبدعون، ويتصدرون أخبار العالم، هناك الفن الكروي، ومع ذلك لا يقارنون بدورتنا الإقليمية التي لم يعترف بها «الفيفا» حتى الآن، هنا شيء آخر، هنا الحب والعشق والهوية والانتماء، هنا يشعر كل واحد منا بأن قلبه هو الذي يلعب، وروحه هي التي تحلق مع الكرة، هنا تاريخ يتوارثه الابن عن أبيه، هنا الاعتراف الحقيقي، ومن لا يصدق ينظر إلى زخم القنوات الرياضية في الدول المشاركة بالبطولة المقامة الآن بالبصرة، مدينة العراق الخليجية، تلك التي كانت مركز التجارة قبل الكرة والنفط للخليج كله، حيث يأتينا كل شيء، أكل وملابس وكماليات كان كبارنا يتغنون بها.
عيوننا شاخصة نحو البصرة، وعيون العراقيين يُقرأ الفرح من بين أهدابها، فهذه الدورة التي سيفوز بها فريق واحد لا تحصر نفسها في ذلك المستطيل الأخضر، ولا تحصي الأهداف المسجلة في المرمى، فهي أكبر من كل ذلك، هي حضن عراقي يستقبل أبناء الخليج، وود خليجي لأهل العراق، وقد غاب العراق طويلاً، أكثر من 40 عاماً، ومر به ما مر، ولكنه يبقى كما هو، لا يتغير «ولا يتزحزح» بعيداً عن أمته، هذه دورة الخليج، البداية والاستمرارية، ولأننا لسنا من المحللين والناقدين لن نخوض في مجريات الأمور داخل الملاعب، تلك مهمة المتخصصين حتى وإن كنا نحس ببعض الإحباط، و«نزعل» في بعض الأحيان من نتائج الفريق الذي نحب؛ لأنه يحمل هويتنا، ومع ذلك «سنبلع» النتائج لأننا فرحون بدورة كأس الخليج العربي الخامسة والعشرين، فهذا حديث وذاك حديث آخر، وقد نتطرق إليه لاحقاً.
المصدر: البيان