هل من مشروع سياسي مشترك لدول مجلس التعاون الخليجي، خصوصاً في ظل التحولات الإقليمية المتسارعة؟ أم أن كلاً يغني على ليلاه؟ أين الرؤية الاستراتيجية المشتركة لدول المجلس خاصة تلك التي تتعلق بالمخاطر التي قد تهدد أمنها؟
هل لدى دول الخليج رؤية موحدة تجاه اليمن ومستقبله؟ والاستفزازات الإيرانية التي تزداد كلما زاد الضغط الدولي على طهران؟ وكيف ستكون علاقات دول المجلس بالأنظمة الجديدة في بلدان الربيع العربي ذات الصبغة الدينية؟ أكثر ما أخشاه أن تدار هذه الملفات بالبركة.
التحديات الراهنة تتطلب وعياً سياسياً جديداً وإدارة ذات إيقاع سريع للتعاطي مع الملفات الإقليمية الساخنة. نحن فعلاً محاطون بمخاطر حقيقية. وهي تحتاج إلى إدارة مختلفة، سريعة ومباشرة وجريئة.
الإيقاع البطيء لعملية اتخاذ القرار السياسي في بعض دول المجلس قد يُوجِد المزيد من المشكلات لدول المنطقة بأسرها. وعقلية «الأخ الأكبر» مقابل «الأخ الأصغر»، في العمل السياسي، ولّى زمانها. اللعبة السياسية الإقليمية تقوم على سرعة الحركة وإجادة التفاوض مع اللاعبين الأذكياء، صغاراً كانوا أم كباراً.
إن دول الخليج اليوم بحاجة لفريق «إدارة أزمات» مشترك، يتجاوز المشكلات البينية الصغيرة وينظر للصورة الأكبر. فاحتلال إيران لثلاث جزر إماراتية ليس قضية إماراتية فحسب. إنها فعلاً قضية خليجية بامتياز. ومشكلة الحوثيين على الحدود السعودية ليست فقط مشكلة سعودية. إنها لعبة إيرانية ضد دول المنطقة كلها وليس فقط من أجل إيجاد فتنة جديدة تستهلك جهد ووقت السعوديين وحدهم. وأوضاع البحرين المتردية ستنعكس سلباً على الحراك الخليجي بأكمله.
دول الخليج اليوم أمام تحديات حقيقية وليس أمامها سوى مواجهتها برؤية مشتركة وفريق عمل يكمل بعضه بعضاً.
التعاون الخليجي الفعّال يبدأ بإيجاد مصالح حقيقية بين مواطني الخليج. لكنه يصبح أكثر فعالية حينما تكون لدول المجلس رؤية سياسية مشتركة وواضحة الأهداف.
نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (١٤٢) صفحة (٣٦) بتاريخ (٢٤-٠٤-٢٠١٢)