قال صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، إن يوم الثلاثين من نوفمبر هو مناسبة وطنية لإعلاء قيم التضحية والفداء، وهو يوم فخر وزهو وعزة وشموخ، فالشهادة، على مر الأزمان، كانت وستظل هي ذروة الإقدام، وقمة التضحية، وأرقى منازل الشرف، وأرفع درجات التعبير عن الولاء والانتماء للوطن، وسنظل، شعباً وقيادة، نتذكر بالتقدير والعرفان أبناءنا الذين جادوا بالأرواح والدماء، في ميادين الحق والواجب وساحات الفداء؛ دفاعا عن دولة الاتحاد، وصونا لسيادتها، وحماية لإنجازاتها، ولتظل راية الإمارات عالية خفاقة، ورمزا للقوة والعزة والمنعة.
وأضاف سموّه، في كلمة وجّهها عبر مجلة «درع الوطن» بمناسبة يوم الشهيد: «ستظل دماء شهدائنا أوسمة فخر تزدان بها صدورنا وصدور أبنائنا وأحفادنا، ومنارات تضيء الطريق ونحن نشارك في صنع الخمسين سنة المقبلة من مسيرة دولتنا الاتحادية، وسيظل أبناؤهم وذووهم أمانة في أعناقنا، يتعهدهم الوطن بالتقدير والحب، وتتولاهم الدولة بالعناية والرعاية».
وقال صاحب السمو رئيس الدولة: «أبنائي وبناتي، أدعوكم في هذا اليوم إلى رفع التحية، تقديراً وشكراً لجنود وضباط وقادة قواتنا المسلحة، وإلى جميع منتسبي أجهزتنا الأمنية، المرابطين في ميادين الشرف دفاعاً عن تراب الوطن، وإعلاءً لرايته، وإنفاذاً لتعهداته، وتحية إلى أبناء الوطن وبناته، لاسيما العاملين منهم في ساحات العطاء وميادين الواجب الأمنية والإنسانية والصحية داخل الدولة وخارجها. حفظ الله دولتنا وأدام أمنها وأمانها، وتغمّد برحمته ومغفرته أرواح شهدائنا».
من جانبه، قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في كلمة وجّهها عبر مجلة «درع الوطن» بمناسبة يوم الشهيد:
«أحييكم في هذا اليوم المبارك ببركة الشهداء، العامر بنفحات الإيمان، والفياض بمشاعر الوطنية الصافية، والغني بالمعاني السامية للوفاء والعطاء والولاء والانتماء.. وأتوجه معكم بالحمد والشكر للمولى سبحانه وتعالى الذي أنعم على وطننا برجال ونساء صدقوا ما عاهدوا الله عليه ومكّننا من الاحتفاء بأبنائنا الذين لبّوا النداء وتقدموا وقاتلوا واستشهدوا نصرة للحق وفداءً لحرية وطننا وعزته وكرامته وسيادته واستقلاله».
وأضاف سموه: «اليوم في اجتماعنا، قيادة وشعباً، لتكريم شهدائنا وإحياء ذكراهم، يتعمق في يقيننا أكثر، أن مآثرهم لا تعرف خط نهاية، وأن عطاءهم ينبوع خير لا ينضب، ومشكاة لا ينطفئ نورها، فهم حاضرون في كل إنجاز، وشركاء في كل نجاح، وبصمتهم مطبوعة في ضمير كل مواطن ومواطنة، تحفز على الإخلاص والتفاني في خدمة وطننا وشعبنا».
وأضاف صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: «وحسب شهدائنا أنهم يعطون وطننا مساحة أكبر في قلوب أبنائه، وأنهم يؤكدون مجدداً أن الوطن ليس جغرافيا معينة الحدود فحسب، إنما قبل ذلك، حياة كاملة وقيم ومبادئ وحضارة راكمتها الأجيال كابراً من كابر، وإرث نحافظ عليه ونضيف إليه كما حافظ عليه أسلافنا وأضافوا إليه.. واليوم يظهر الشهداء من جديد أبهى تجليات وحدة بيتنا، وعمق انتماء إنساننا لوطنه وولائه لقيادته والتفافه حول رؤاها وخططها وقراراتها.. فقد جاء شهداؤنا من جميع أرجاء وطننا، وتكونوا في قواتنا المسلحة، بوتقة الانصهار الوطني، ومصنع الرجولة، ومدرسة القيم العليا، وحصن وطننا المنيع، ودرعه المتين، فكانوا أبناءها البررة الذين أوفوا بالعهد، وقاتلوا تحت راية الإمارات وافتدوها بأرواحهم لتظل عزيزة عالية خفاقة».
وأكد سموّه: «في ذكراهم، يزيد شهداؤنا نموذجنا الإماراتي توهّجاً وبهاءً.. فهم شهادة إضافية على نجاحه وجدارته وتوخيه الكمال في كل مجال.. فكما أن إنجازاتنا في العمران مشهودة ومسجلة في المؤشرات الدولية للتنمية والتنافسية، كذلك إنجازاتنا في بناء الإنسان.. وها هم أبناء وبنات الإمارات يبدعون ويتفوقون في المجالين المدني والعسكري، ويواكبون العصر ومستجداته ويشاركون فيها، ويرتادون الفضاء وصناعاته، ويديرون المفاعلات النووية، ويستوعبون أحدث الأسلحة وأكثرها تقدماً، وينشئون صناعاتها.. وإذا دعا الداعي يلبّون النداء ويتقدمون حاملين أرواحهم على أكفّهم».
وقال سموّه: «من أعظم مآثر شهدائنا أنهم عززوا الروح الوطنية في نفوس أبناء وبنات الإمارات، فازداد نسيجنا الاجتماعي تماسكاً وصلابة، وازداد مجتمعنا تكاتفاً وعطاءً، وتحسّن الأداء في كل مواقع العمل الوطني.. وقد رأيت هذه الروح تسري في فرق العمل المسؤولة عن مواجهة جائحة فيروس كورونا، فكان أداؤهم متميزاً في احتواء الجائحة والحد من انتشارها وخسائرها وتداعياتها الاقتصادية والنفسية، وحققوا تفوقاً عالمياً في فحوصاتها وتتبّع إصاباتها، والبحث عن أمصال الوقاية منها وعلاجها».
وخاطب سموّه أبناء وبنات الوطن بقوله: «أبناء وبنات وطني.. نعم، يوم الشهيد هو يوم وطني بامتياز. وهو بالنسبة لضباط وجنود قواتنا المسلحة يوم ممتد طوال العمر.. فهم زملاء الشهداء، ورفاقهم في السلاح، وليس مثل رفقة السلاح رفقة.. يعيش رفاق السلاح معاً في معسكراتهم أكثر مما يعيشون مع ذويهم.. يتدربون معاً، وينامون ويستيقظون معاً، وينتظمون في طابور الصباح ونوبة المساء معاً، وينتقلون إلى ساحات الوغى معاً، ويقاتلون ويواجهون الأخطار معاً، ويرابطون على الثغور معاً، ويحمون بعضهم بعضاً، ومنهم من نقل شهيداً أو أسعف جريحاً، وكلهم يطلب إحدى الحسنيين، النصر أو الشهادة».
وأضاف صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: «باسمكم جميعاً أتوجه بالتحية والتقدير إلى كل منسوبي قواتنا المسلحة البواسل، وكل من خدم في السلك العسكري، ومن انتظم في الخدمة المدنية، وأهنّئهم على وسام الفخر والعز الذي رصعه الشهداء على صدورهم وعلى هامة وطننا ومواطنينا».
وتابع سموّه: «التحية واجبة لمن حملوا مسؤولية بناء جيشنا وتطويره وتحديثه.. الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، ووارث مجده أخي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة، وولي عهده أخي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، الذي قاد من الميدان على مدار نيف وأربعين عاماً تكوين قيادتنا وكوادرنا العسكرية الوطنية، وتجهيز جيشنا بأحدث وأنسب الأسلحة ونظم التسليح».
وقال سموّه: «هذا اليوم سيمضي، وغداً يحل يوم جديد ننصرف فيه إلى أعمالنا وأشغالنا واهتماماتنا.. لكن ذاكرة وطننا خصبة لا تنسى النجباء من أبنائه.. سيظل شهداؤنا حاضرين في ضمائرنا.. يطلون علينا كلما ننظر إلى راياتنا خفاقة، وعند كل عزف للنشيد الوطني، ومع كل احتفال بإنجاز جديد.. وسنتذكرهم في واحة الكرامة إلى جوار مسجد وضريح رمزنا مؤسس اتحادنا الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه.. وفي المساجد والنصب والميادين والشوارع والمدارس التي تشرّفت بالانتساب إليهم في كل مدننا».
واختتم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم كلمته بالقول: «وذاكرة وطننا لن تنسى أُسر الشهداء والمناقب التي جسّدوها وهم يوسدون أبناءهم ثرى الوطن.. لقد أظهر ذوو الشهداء جدارة الأسرة الإماراتية في تنشئة أبنائها على القيم العليا ومكارم الأخلاق والثوابت الوطنية.. وضربوا المثل في عمق الإيمان والصبر ورباطة الجأش والوطنية الصادقة. تقبّل الله شهداءنا في أعلى عليين مع الأبرار والصديقين وحسن أولئك رفيقا.. وكتب الشفاء العاجل لجرحانا.. وجازى أُسر الشهداء على ما قدّموا، وعوّضهم خيراً عما فقدوا».
فيما أكّد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في كلمة بمناسبة «يوم الشهيد»:
«يأتي (يوم الشهيد) في الثلاثين من شهر نوفمبر من كل عام، ليعزز في نفوسنا الفخر والعزة، بصفوة من أبناء دولة الإمارات العربية المتحدة الأوفياء، من العسكريين والمدنيين، الذين صدقوا ما عاهدوا الله والوطن عليه، وتساموا فوق الحياة، وسطروا بدمائهم الزكية، في ميادين الشجاعة والشرف داخل الوطن وخارجه.. أعظم ملاحم البطولة والفداء التي سجلها التاريخ بمداد من نور في أنصع صفحاته.. لقد حمل شهداؤنا الأبرار دولة الإمارات في قلوبهم وعقولهم، وضحوا بالمهج والأرواح في سبيل عزتها وسيادتها وكرامة أهلها، دون تردد أو انتظار مقابل، لأنها كانت عندهم أسمى وأعلى وأغلى من أي شيء آخر، حتى من أرواحهم». وقال: «ونحن نستحضر سيرة الشهداء العطرة وتضحياتهم العظيمة، في هذه الذكرى المباركة، نؤكد أن الإمارات ستبقى، بإذن الله تعالى، على الدوام قوية شامخة، تشق طريقها نحو التقدم والريادة، بحب أبنائها ووحدتهم ووفائهم والتفافهم حول قيادتهم، واستعدادهم لبذل الغالي والنفيس في سبيل الدفاع عنها». وأضاف صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان: «في هذا اليوم المشهود من أيام الإمارات، والمفعم بالدلالات العميقة والمعاني الكبيرة، تتوحد مشاعر المواطنين، كباراً وصغاراً، وتأتلف قلوبهم، مثلما تتشابك سواعدهم في ميادين العمل الوطني من أجل رفعة الإمارات وتقدمها وريادتها.. نترحم على شهدائنا البواسل، ونحيي ذكراهم العطرة، ونقف إجلالاً أمام تضحياتهم التي لا تضاهيها أي تضحيات، ونعبّر عن الامتنان والشكر والعرفان لهم، ونؤكد أن الوطن لن ينسى أبداً ما قدموه له، بل سيظلون على الدوام قدوة حسنة لأبنائه، ورمزاً لشجاعة شعبنا في الدفاع عن سيادته ومقدراته، وتجسيداً لقيمه وأخلاقه الأصيلة التي تضرب بجذورها في أعماق تاريخه وحضارته، وامتداداً للمبادئ السامية لمؤسّسه وواضع أُسس نهضته، الشيخ زايد، عليه رحمة الله ورضوانه».
وقال سموّه إن مرور السنين، يزيد ذكرى شهدائنا الأبرار تألقاً وحضوراً، لأنهم رموز خالدة للوطنية، تزيّن تاريخنا بالمجد والعزة، وقناديل تضيء حاضرنا ومستقبلنا بأنبل القيم وأجلّ المعاني التي عرفتها البشرية.. وتفجّر الطاقات للمزيد من البذل والعطاء من أجل الوطن، وتذكّرنا دائماً أن الإمارات تستحق منا الكثير، لأنها أعطت ولاتزال تعطي بلا حدود، وأن الوطن هو أغلى وأعز ما يستحق التضحية من أجله بالدماء والأرواح، والدفاع عنه واجب مقدس وشرف لا يدانيه أيّ شرف.
وأضاف سموّه أن قيم التضحية والفداء التي يمثلها شهداؤنا الأبرار، هي القيم التي تُبنى عليها الدول القوية، في كل زمان ومكان، والتي تحقق من خلالها تقدّمها وتطوّرها وتأخذ مكانها المتميز بين الأمم.. والمجتمعات التي تقدم التضحيات دفاعاً عن قيمها ومبادئها وكرامتها ومصالحها العليا، هي التي تبني حاضرها وتتوجه إلى مستقبلها بثقة واطمئنان، وتحفظ مصالحها الوطنية العليا في عالم يموج بالمخاطر والتهديدات.
لقد رحل الشهداء بأجسادهم، لكنهم تحولوا إلى قيم ومعانٍ خالدة لا تموت أبداً.. ونحن نستعد لدخول الخمسين سنة المقبلة من عمر وطننا الغالي، نستحضر هذه القيم والمعاني التي يجسدها الشهداء.. نستلهم منها العزم والقوة للتغلب على المصاعب والتحديات، ونستمد الزاد لرحلتنا نحو تحقيق طموحاتنا وتطلعاتنا في مختلف المجالات.
وقال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إن الاحتفاء الحقيقي بالشهداء والوفاء لأرواحهم، يكون بالتفاني في خدمة الإمارات التي ضحّوا بأرواحهم دفاعاً عنها، والعمل المخلص من أجل رفع رايتها عالية خفاقة في كل الميادين.. في هذا اليوم المجيد، أوجّه التحية والتقدير إلى قواتنا المسلحة الباسلة، بكل تشكيلاتها ووحداتها.. عنوان عزتنا وقوتنا ومنعتنا، التي تُرَبِي أبناءها على أن كل شيء مهما كان غالياً ومهماً وثميناً يتضاءل أمام نداء الوطن، وتمثل الحصن الحصين للإمارات، والحامي لمقدرات شعبها ومكتسباته ومنجزاته الحضارية، والرمز لوحدتها وتماسكها وتضامن أبنائها، كما أوجّه التحية إلى كافة مؤسساتنا الأمنية والمدنية التي تشارك بكل فعالية وإخلاص، في منظومة التنمية الوطنية الشاملة التي تعيشها الإمارات في مختلف المجالات. وقال سموّه: «وأُحيّي أُسر الشهداء البررة، وأشدّ على أيديهم، وأؤكد أن دولة الإمارات العربية المتحدة، حكومة وشعباً، تظل على الدوام إلى جانبهم، ترعاهم وتهتم بشؤونهم، وفاءً لما قدّمه أبناؤهم من تضحيات كبيرة لا يمحوها الزمن، وتقديراً لمواقفهم الوطنية التي ضربوا بها أروع المثل في حب الوطن ورباطة الجأش، وأخص بالتحية، في هذه المناسبة، أمهات الشهداء اللاتي يجسّدن الدور التاريخي المتميز للمرأة الإماراتية القوية والشجاعة ومستودع القيم الأصيلة لشعبنا الوفي». واختتم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان كلمته بقوله: «لقد ضحّى الشهداء البواسل بأرواحهم دفاعاً عن الحق والعدل والسلام، وستظل دولة الإمارات العربية المتحدة على الدوام، رمزاً للعمل من أجل التنمية والسلام في المنطقة والعالم، وعنصر استقرار إقليمي، بسياساتها المتزنة، ومواقفها الثابتة التي تفتح أبواب الأمل في غد أفضل لكل شعوب المنطقة والعالم، تحت قيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة (حفظه الله). رحم الله شهداءنا وجعلهم في عليين وأكرم نزلهم في جنات النعيم، وحفظ دولة الإمارات وشعبها من كل شر ومكروه، وأدام علينا نعمة الأمن والاستقرار والوحدة».
المصدر: الإمارات اليوم