كاتب - مستشار إعلامي
مزاج جيل الألفية الثانية يشهد تبدلا وتحولا، يأخذ أشكالا مختلفة. بين الشك واليقين، والإفراط والتفريط، والغلو والتشدد. من هنا، تتسيد فكرة النظر إلى الماضي بغضب، كما تتسيد النظرة إلى الرفض أيا كان مصدره باعتباره فكرة جاذبة تجد لها سوقا رائجة حتى في المجتمعات المتباينة في الثقافات والآراء والأديان.
الجيل الذي كان يضع صورة جيفارا على التيشيرتات في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، عمد الجيل الذي بعده إلى استنساخ فكرة الرفض والتطرف الديني، وجعل من بعض رموز الإرهاب أيقونات يجعلها تحمل رسائل قد لا تتسق مع طبيعتها.
لقد رأينا هذا المشهد خلال تسيد فكرة القاعدة، وعلى الأخص بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) في أمريكا، ونحن نلحظه أخيرا فيما يخص عصابة “داعش” وزعيمها أبو جهل البغدادي. وهذا يفسر انخراط مجاميع من أوروبا شبابا وفتيات ضمن هذا التشكيل العصابي الضال.
فكرة اليقين بالنسبة لهؤلاء الشباب والفتيات لا تمثل محركا حقيقيا، خاصة بالنسبة لغير المسلمين، إذ إن من الأمور الجالبة للسخرية، أن تجد شبابا وفتيات غير مسلمين ينخرطون في عصابة متطرفة تقتل غير المسلم، بل تعتبر كل المسلمين مرتدين، عدا تنظيمهم الشاذ.
لكن جيل الألفية الثانية، الذي سئم كل شيء وجد نفسه يأخذ بهذه الموضة الدموية المتوحشة، باعتبار الأمر لا يعدو عن كونه تسلية وتغييرا وبحثا عن الذات.
في الإطار نفسه، نجد شبابا عربا مسلمين، يركبون الموجة من أجل إشباع حالة البحث عن الذات، أو حتى بحثا عن فكرة الخلافة المزعومة التي كرستها الأدبيات المتطرفة.
قريبا ستختفي فكرة “داعش”، لأنها تحمل في جوهرها مقومات انحسارها ومواتها. وستبقى المسؤولية الأكبر على صناع القرار، معالجة عملية البحث عن معنى التي يعيشها بعض أفراد هذا الجيل. وهذه تتطلب إيجاد أفكار ملهمة، تشيع الأمل، وتسهم في تجفيف منابع اليأس والسواد والكآبة التي تغرسها أدبيات التنظيمات الإرهابية.
المصدر: الاقتصادية