نشر أنصار تنظيم داعش المتطرف يوم أمس، على مواقع التواصل الاجتماعي، صورا لمقاتليه وهم يرفعون أعلامه السوداء فوق قلعة تدمر التاريخية بوسط سوريا، التي سيطر عليها منتصف الأسبوع الحالي، بينما أكّد المدير العام للآثار والمتاحف السورية مأمون عبد الكريم دخول عناصر التنظيم المتطرف إلى متحف المدينة وتدميرهم عددا من المجسّمات الحديثة. أما في محافظة دير الزور، فقد أفاد ناشطون بمقتل أكثر من 14 مواطنا بسقوط برميل متفجر رماه طيران النظام على أحد الأبنية السكنية، ووثّقت حملة «دير الزور تذبح بصمت» إعدام 32 شخصا على أيدي «داعش» بتهمة التخابر مع «الجيش الحر».
وكالة «رويترز» نشرت أمس صورا تداولها أنصار «داعش» على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية لمقاتلي التنظيم المتطرف وهم يرفعون أعلامه السوداء فوق قلعة تاريخية في مدينة تدمر الأثرية، في ريف محافظة حمص، التي سيطروا عليها يوم الأربعاء بعد معارك لبضعة أيام مع قوات النظام السوري. وحملت إحدى الصور جملة «قلعة تدمر تحت سلطان الخلافة»، وفي صورة أخرى ظهر مقاتل وهو يبتسم ويحمل العلم الأسود ويقف على أحد جدران القلعة.
وجاء هذا التطور بينما تحدث عبد الكريم في مؤتمر صحافي عقد في دمشق عن دخول مقاتلي «داعش» إلى متحف مدينة تدمر الأثرية وتدميرهم عددا من المجسمات الحديثة. وقال المدير العام للآثار والمتاحف السورية خلال المؤتمر الصحافي «تلقينا ليلا معلومات من تدمر قبل انقطاع الاتصالات بأنهم فتحوا أبواب المتحف الخميس ودخلوا إليه، وكان هناك تكسير لبعض المجسمات الحديثة التي تمثل عصور ما قبل التاريخ وتستخدم لأهداف تربوية، ثم أغلقوا أبوابه ووضعوا حراسا على مداخله». وأكد عبد الكريم رفع المتطرفين رايتهم على القلعة الإسلامية التي يعود تاريخ بنائها إلى القرن الثالث عشر وتطل على آثار المدينة القديمة. ووفق عبد الكريم فإن «مئات القطع الأثرية في المتحف قد نقلت إلى دمشق منذ زمن وعلى دفعات»، لكنه أبدى خشيته على «القطع الضخمة التي لا يمكن تحريكها على غرار المدافن الجنائزية».
ويطلق على تدمر اسم «لؤلؤة الصحراء»، وهي معروفة بأعمدتها الرومانية ومعابدها ومدافنها الملكية التي تشهد على عظمة تاريخها. ولا تشهد المواقع الأثرية أي تحركات لمقاتلي «داعش»، وفق عبد الكريم الذي أمل «ألا تتعرض المدينة لأعمال تدمير مشابهة لتلك التي حدثت في العراق»، في إشارة إلى تدمير التنظيم لآثار الموصل ومدينتي الحضر والنمرود. وشدد عبد الكريم على «ضرورة البحث عن استراتيجيات جديدة للتعامل مع الوضع القائم في تدمر»، داعيا «المجتمع الدولي إلى تقديم دعم مختلف لإنقاذ ما يمكن إنقاذه». وأضاف «سنفكر في إجراءات تمكننا من منع هؤلاء من تدمير التراث الثقافي السوري».
من ناحية أخرى، تحدث «مكتب أخبار سوريا» عن إلقاء الطيران المروحي التابع لجيش النظام السوري ثلاثة براميل متفجرة على المنطقة الأثرية في المدينة، مما تسبب في حدوث أضرار، من دون سقوط قتلى أو جرحى. وأفاد ناشطون بعودة التيار الكهربائي إلى تدمر بعد انقطاعٍ دام أكثر من عشرة أيام، فيما طلب التنظيم الذي سيطر على المدينة من الأهالي العودة لممارسة أعمالهم وحياتهم الطبيعية.
ونقل «مكتب أخبار سوريا» عن الناشط المدني المعارض عبد الله أبو خضر أن التيار الكهربائي عاد بعدما طلب التنظيم من موظفي الكهرباء في المدينة العودة إلى عملهم وإصلاح الأعطال التي لحقت بالشبكة جراء القصف والمعارك مع القوات النظامية. ولفت أبو خضر إلى أن التنظيم طلب من أصحاب الأفران الآلية والمسؤولين عن شبكات المياه في المدينة العودة لممارسة أعمالهم، كما سمح لمن يودّ الذهاب إلى مدينة الرقة للعمل أو تلقي العلاج أو لأسباب أخرى بالذهاب بعد موافقة مسؤول التنظيم في المدينة.
في هذه الأثناء، في محافظة دير الزور، قُتل 14 شخصا بينهم 4 من عائلة واحدة و6 أطفال من عائلة أخرى بقصف للطيران المروحي، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الذي رجّح ارتفاع عدد القتلى بسبب وجود جرحى في حالات خطرة، ومفقودين تحت الأنقاض. وتحدثت شبكة «الدرر الشامية» عن ارتكاب «قوات الأسد مجزرة مروعة بحق أهالي مدينة دير الزور، عاصمة المحافظة الواقعة في شرق البلاد وتتاخم العراق، والخاضعة لسيطرة تنظيم داعش، راح ضحيتها أكثر من 14 قتيلا وعشرات الجرحى». وقالت الشبكة إن «برميلا متفجرا سقط على أحد الأبنية السكنية في حي الحميدية بالمدينة، أسفر عن مقتل 14 شخصًا بينهم ثمانية أطفال، إضافة لسقوط عشرات الجرحى، فيما لا تزال فرق الإنقاذ تعمل على رفع الأنقاض بحثًا عن ناجين». كذلك أفيد بقتل عناصر تنظيم «داعش» 32 شخصا آخرين في دير الزور أيضا بعد اتهامهم بـ«الردة والتخابر مع (الجيش السوري الحر)، إضافة لاتهام بعضهم بقتال التنظيم». ووثقت حملة «دير الزور تذبح بصمت» أسماء 32 شخصًا أعدموا في الأيام الـ3 الماضية، لافتة إلى أن «جميع الإعدامات كانت ذبحًا بالسكاكين أو ضربًا بالسيف».
وفي محافظة ريف دمشق، قصفت قوات النظام مناطق في مدينة الزبداني ومناطق أخرى في جرود منطقة القلمون الجبلية، في حين فتح جيش النظام نيران رشاشاته الثقيلة على أماكن في بلدة زبدين بالغوطة الشرقية، بحسب «المرصد» الذي تحدث أيضا عن سقوط عدة قذائف على أماكن في محيط منطقة السيدة زينب (جنوب العاصمة السورية) وعن اشتباكات بين مقاتلي الفصائل الإسلامية و«جبهة النصرة» من جهة وعناصر حزب الله اللبناني مدعمين بقوات النظام و«قوات الدفاع الوطني» في جرود القلمون، وسط معلومات أولية عن تقدم الأخير.
وادعت وسائل إعلام حزب الله أن «الجيش (النظامي) السوري وعناصر حزب الله واصلوا التقدم في جرود القلمون والسيطرة على المزيد من التلال والمناطق وإلحاق القتلى والإصابات والخسائر بصفوف الإرهابيين»، مشيرة إلى «السيطرة على تلة صدر البستان الجنوبية بالكامل في القلمون وإيقاع عشرات القتلى والجرحى في صفوف المسلحين الذين لاذ الباقون منهم بالفرار».
وفي سياق منفصل، أعلن «الائتلاف الوطني السوري» المعارض عن اختطاف قس مسيحي من مقر إقامته في أحد الأديرة بمحافظة حمص. وكان «المرصد» أفاد بقيام مجهولين باختطاف الأب يعقوب مراد، رئيس رهبانية دير مار موسى الحبشي ورئيس دير مار اليان، في بلدة القريتين التابعة لمحافظة حمص، من مقر إقامته في الدير يوم الخميس الماضي. ودان الائتلاف «الجريمة»، وطالب بإطلاق سراح الأب يعقوب وسائر المختطفين في سوريا مع ضمان سلامتهم، مؤكدا أن «العدالة ستطال كل من يقفون وراء أعمال الخطف والترويع عاجلا أم آجلا».
ودعا الائتلاف جميع أبناء سوريا إلى «التعاون والوقوف في وجه كل طرف يسعى لإثارة الفتن الطائفية والإساءة لقيم العيش المشترك»، مطالبا جميع الفصائل المسلحة بـ«ضمان حماية المدنيين ووضع سلامتهم على رأس الأولويات وتحييدهم عن أي صراع أو اقتتال».
بيروت: «الشرق الأوسط»