فازت إمارة دبي باستضافة منتدى الطاقة العالمي 2012 في مواجهة منافسة شديدة البأس من جانب مدن أخرى ذات سمعة وصيت عالميين، ورغم أن المتحدثين في المؤتمر لم يذكروا بشكل مفصل المقومات والحيثيات التي رجحت كفة إمارة دبي في الفوز بهذا الحدث العالمي الضخم، إلا أن البعض منهم تحدث عن هذه المنصة الفكرية التي يشارك قيادات وخبراء صناعة من مختلف دول العالم بأنها أقرب إلى أن تكون بمثابة ساحة التقاء وتفاعل بين الأفكار الخلاقة والمبتكرة، وبالفعل، يعود السبب الرئيسي لفوز إمارة دبي باستضافة هذا الحدث العالمي إلى كونها باتت تمتلك الآن خبرة متميزة في مجال تحقيق أمن الطاقة المستدام.
وبالتالي، فهي بقدر استفادتها من الأفكار والتجارب التي ستطرح على مائدة النقاش، فإنها بالقدر نفسة سوف تكون منارة للإشعاع الفكري في تقديم خبراتها المتميزة، اذ تمكنت دبي من تسخير المقومات التي تمتلكها في أن تكون أحد أقطاب التجارة والسياحة العالمية، بسبب قدرتها على رصد الفرص والعمل على تحقيقها. فهي تعمل بدأب على مواكبة التطور في مختلف مجالات الطاقة سواء تقليدية أو خضراء، وتسعى في هذا المجال إلى أن تطور نموذجاً في تحقيق أمن الطاقة المستدام من خلال دراسة هذه المجالات، بما فيها من فوائد بيئية ومكاسب اقتصادية.
ويتمثل أحد عناصر قوة نموذج الطاقة المستدامة، الذي من المرجح أن يكون محل نقاش وتجاذب بين أقطاب الصناعة خلال جلسات وورش عمل منتدى الطاقة العالمي 2012، في أنه جاء نتاجاً لنقاشات ودراسات مستفيضة بشأن تحديد أفضل سبل معالجة تحديات الطاقة، وجرى تتويج هذا النقاش بوضع الأطر والهياكل لنموذج إمارة دبي في تحقيق أمن الطاقة المستدام، وتجلى ذلك في تأسيس المجلس الأعلى للطاقة واستراتيجية دبي للطاقة 2030.
حيث وضع المجلس خطةً لتنويع مصادر الطاقة في الإمارة تشمل زيادة وتنويع مصادر الطاقة في الإمارة بحلول عام 2030، وتشتمل الخطة على توزيع مصادر الطاقة على الشكل التالي: الشمسية 5 ٪، والنووية 12%، والفحم النظيف 12% والغاز الطبيعي 71%. ووضعت هذه الاستراتيجية أمن إمدادات الطاقة واستدامة مصادرها ضمن أهدافها الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة ومواءمة احتياجات الجيل الحالي جنباً إلى جنب مع احتياجات الأجيال القادمة وخلق بيئة حضرية تهدف إلى استدامة الموارد الداعمة لامارة دبي، وتوفير حلول الطاقة النظيفة مع الكفاءة في استخدامها لتلبية الاحتياجات المستقبلية والوصول إلى اقتصاد ذي بصمة كربونية منخفضة.
ومن ضمن الخطة أنه بحلول عام 2030، سيتم إنشاء محطة طاقة شمسية مساحتها 48 كيلومترا مربعا تنتج 1000 ميغاواط من الكهرباء، وستنتج 5% من إجمالي الكهرباء المستهلكة في دبي من مصادر نظيفة. ومن المنتظر أن تتكلف هذه الخطة 120 مليار درهم (32.67 مليار دولار) حسب توقعات المجلس.
ورغم أن الفترة الزمنية التي يستغرقها تنفيذ الاستراتيجية تمتد إلى سنوات عديدة قادمة، إلا أن الإمارة انطلقت على مسار التنفيذ الفعلي للاستراتيجية التي شكلت بمثابة مظلة انضوت تحتها العديد من الهيئات والشركات المعنية بالطاقة.
الاستفادة من الطاقة الشمسية
ويكمن أحد الملامح الرئيسية لنموذج دبي في تحقيق الطاقة المستدامة والآمنة في تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وتبرز الطاقة الشمسية كأحد مصادر الطاقة التي تعمل إمارة دبي على الاستفادة منها في توفير كهرباء خضراء أي غير ملوثة للبيئة، وفي هذا المجال، وبحسب دراسة أجرتها مؤسسة «برايس ووترهاوس كوبرز» ونشرتها مؤخراً، فإنه إذا بلغ سعر الغاز الطبيعي المسال أكثر من 13 دولاراً لكل مليون وحدة حرارية، فإن مشاريع الطاقة الشمسية تكون ذات جدوى اقتصادية دون الحاجة إلى حزم دعم. بل ينتظر أن يقل هذا السعر بالنظر إلى استمرار انخفاض أسعار الطاقة الشمسية. وقالت الدراسة: إنه في مقدور دبي الاستفادة من هذه التطورات.
كما جاء في التقرير: تشمل الأسواق الرئيسية المستهدفة كلاً من الدول المعتمدة على النفط المستورد لتوليد الكهرباء (مثل الأردن والمغرب) والدول المستهلكة لأحجام ضخمة من النفط المحلي في توليد الكهرباء (مثل السعودية والكويت) والدول المستوردة للغاز الطبيعي المسال.
امكانات هائلة
وتمتلك دولة الإمارات إمكانات هائلة في مجال توليد الطاقة الشمسية، حيث يتجاوز معدل الطاقة الشمسية التي يمكن إنتاجها 8.5 غيغا جول/متر مربع سنوياً، والتي يمكن استخدمها لتوليد الطاقة الكهربائية عبر الخلايا الفولتية الضوئية والهيدروجين عبر عملية التحليل الكهربائي.
وتطبيقاً للرؤية الاستراتيجية في مجال الاستفادة من الطاقة الشمسية، أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أمس، مشروع «مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية»، بتكلفة استثمارية متوقعة تصل إلى 12 مليار درهم ويعتبر المجمع المشروع الأكبر من نوعه في منطقة الخليج، وتصل قدرته التشغيلية إلى 1000 ميغاواط بحلول عام 2030، وخصصت حكومة دبي موقعاً في منطقة «سيح الدحل» لإقامة المجمع على مساحة تبلغ 48 كيلومتراً مربعاً. ويتبنى المشروع المجلس الأعلى للطاقة في دبي، وتقوم على إدارته وتشغيله هيئة كهرباء ومياه دبي «ديوا».