نعم.. تبهرني المنجزات الكبيرة ويبهرني الإنسان المبدع ممن يفكر خارج “صندوق” المألوف والمكرر. وتبهرني كذلك المدن الحية التي لا ترضى بما دون “العالمية”! والانبهار عندي ميزة وليس نقيصة. ومن لا تبهره المنجزات الحضارية الكبيرة، في الشرق أو في الغرب، فتلك مسألة تخصه وحده. لا تنبهر بالمنجزات التي تبهرني لكن ليس من حقك
أن تعاتبني أو تستغرب مني انبهاري بما يبهرني. يبهرني كثيراً الأستاذ إبراهيم البليهي بنبشه المستمر في ثقافة “الجهل” المنشرة في خطاباتنا، ومنها ذلك الموقف الغريب من “الانبهار” بما يبهر. فمن لا تبهره المنجزات العظيمة -حسب البليهي- فعنده ربما مشكلة!
أمس حدثت زميل عن دبي صباح اليوم التالي لاحتفالات رأس السنة، حيث تجمع مئات الآلاف من الناس، من كل بقاع الدنيا، في شوارع دبي وحول معالمها السياحية. كنت هناك في وسط الزحمة. وصبيحة اليوم التالي، قدت سيارتي في ذات المكان المزدحم بالبشر، الذي بالكاد مشيت فيه قبل ساعات قليلة. ولو لم أكن هناك ليلة رأس السنة لما كنت سأصدق أن إنساناً مر هناك قبل ساعات. في صبيحة اليوم التالي لرأس السنة، كانت شوارع دبي كعادتها نظيفة أنيقة كأنك تقود سيارتك فوق أغلى أنواع الرخام. استيقظت دبي كعادتها، نظيفة آمنة. ولم يعجب صاحبي كلامي عن دبي فقال: طبيعياً أن تقول هذا فأنت شديد الانبهار بدبي. وأعترف لكم ولزميلي أنني -فعلاً- شديد الانبهار بدبي. وأكثر ما يبهرني في دبي أنها مازالت تبهرني، حتى بعد ست سنوات من الإقامة والعمل بها. ومن لم تبهره نظافة وأناقة دبي صباح اليوم التالي لرأس السنة، وقد رأى بنفسه مئات الآلاف من الناس تحتفل في ميادين وشوارع دبي، فسأستأذنه وأخبره: فعلاً، عندك مشكلة!
نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق بتاريخ 6 يناير 2012