حلت الحواسب مكان الأوراق والأقلام بالنسبة لكثيرٍ من طلاب المرحلة الجامعية، فإضافة إلى فائدتها في الأبحاث الدراسية وبرامج الحاسب الآلي، يعتمد عليها عدد منهم في تسجيل الملاحظات أثناء المحاضرات الدراسية، وذلك بديلاً عن الكتابة على الأوراق، لكن دراسة شارك فيها باحثون من جامعتين كنديتين، انتهت إلى تسبب استخدام الطلاب لحواسبهم خلال المحاضرات في انخفاض استيعابهم للشرح، وتراجع درجاتهم في الاختبارات، كما يتسبب في تراجع درجات أقرانهم.
وشملت الدراسة تجربتين شارك فيهما مجموعة من طلبة الجامعة، تضمنت محاكاة الأجواء الواقعية للمحاضرات، ومن ثم طُلب منهم استكمال اختبار متعدد الأسئلة لاختبار مقدار استيعابهم، واستهدفت التجربة الأولى اختبار مدى تأثير قيام الطلبة بمهام مختلفة لا تتصل بالمحتوى التعليمي في استيعابهم، وفيها استخدم جميع المشاركين حواسبهم المحمولة لتسجيل الملاحظات أثناء محاضرة عن الأرصاد الجوية، لكن طُلب من نصف المشاركين، البالغ عددهم نحو 40 طالباً، أداء بمجموعة من المهام الأخرى غير المرتبطة بالمحاضرة عندما يجدون وقتاً خلال الشرح، ومن بين المهام البحث على الإنترنت لمعرفة ميعاد برنامج تلفزيوني.
وعمل الباحثون على توفير بعض العناصر التي تُشتت انتباه الطلاب أثناء وجودهم في الفصول الدراسية، فمن الشائع حالياً مع توافر عشرات الحواسب والهواتف الذكية بين أيدي الطلاب أثناء المحاضرات، أن يسترق البعض منهم دقائق لفحص بريدهم الإلكتروني أو اللعب أو تصفح حساباتهم في الشبكات الاجتماعية ومشاهدة الأفلام، بدلاً من منح كامل انتباههم للشرح.
أما التجربة الثانية، فركزت على قياس مدى تأثر الطلاب بزملائهم من مستخدمي أجهزة الحواسب أثناء المحاضرات، ودورهم المحتمل في إضعاف انتباههم، وتضمنت التجربة استخدام الطلاب للأقلام والأوراق لتسجيل ملاحظاتهم أثناء المحاضرة، ورتب الباحثون قاعة الدراسة بحيث يجلس بين المشاركين بعض الطلاب الذين يستخدمون حواسبهم المحمولة لمهام غير متصلة بالمحاضرة، بحيث يمكن لبعض المشاركين مشاهدتهم عن قرب.
وتوقع الباحثون حصول الطلاب الذين طُلب منهم إنجاز مهام مختلفة على حواسبهم أثناء المحاضرات على درجات أقل، كما توقعوا انخفاض معدلات الطلاب الذين جاوروا زملاءهم من مستخدمي الحواسب.
وأكدت الباحثة في علم النفس في جامعة «ماكماستر»، التي شاركت في تأليف الدراسة، فاريا سانا، أن «درجة تأثير الحواسب في تركيز الطلاب جاوزت افتراضها».
وأظهرت نتائج الدراسة، التي نُشرت في مجلة «الحواسب والتعليم» في مارس الماضي، انخفاض أداء الطلاب الذين طُلب منهم استخدام الحواسب أثناء المحاضرات لأغراض أخرى في الاختبار النهائي بنسبة 11% مقارنة مع زملائهم، وبينت التجربة الثانية تراجع أداء الطلاب الذين أحيطوا بزملاء من مستخدمي الحواسب بنسبة 17%، مقارنة مع من جلسوا في مكان بعيد، وعموماً يتسبب الانشغال بمهام ثانوية داخل الفصول الدراسية في ضعف القدرة على معالجة واستيعاب المعلومات، ما يزيد من احتمال حدوث أخطاء عن استرجاعها.
وقالت سانا: «لقد بذلنا جهدنا لتكون التجربة قريبة الشبه بما يحدث بالفعل في المحاضرات، ووجدنا أن أداء الطلاب الذين طُلب منهم إنجاز مهام عدة كان أسوأ في الامتحان النهائي»، مضيفة أن «أداء الطلاب الذين أحيطوا بمستخدمي الحواسب كان سيئاً؛ فعلى الرغم من تركيزهم في المحاضرة كمهمة وحيدة، إلا أن وجود شخص آخر قريباً منهم يعمل بمهام أخرى أضعف من استيعابهم للمادة التعليمية».
وذكرت أن «درجة إسهام استخدام الحواسب في التأثير في تركيز الطلاب يمكن أن يُغير معدلهم الدراسي من مرتبة إلى أخرى أقل»، مشيرة إلى أن «الطلاب المشاركين في التجربتين لم يكونوا على علم بإمكانية تأثر درجاتهم جراء استخدامهم للحواسب في الفصول الدراسية، كما لم يتوقعوا أن يتسبب استخدام أقرانهم للحواسب في قاعات الدراسة في تشتيت انتباههم».
وفي الوقت نفسه، لا تدعو الدراسة إلى منع الطلاب من استخدام الحواسب في قاعات الدراسة، لكن الباحثين يأملون أن يتنبه الطلاب إلى أن إضاعتهم الوقت في استخدام حواسبهم قد يؤثر في المحيطين بهم. وقالت سانا: «مع الأسف، يمضي كثير من الطلاب جانباً كبيراً من أوقاتهم في قاعات الدراسة في أنشطة لا تمت بصلة إلى البيئة الأكاديمية، ولا ترتبط مباشرة بالتدريب أو المحاضرة».
المصدر: الإمارات اليوم