كاتب و روائي سعودي
الهاجس بالدهشة والمفاجأة، الانشغال بالجمالي والعميق والبعيد، هي الاستيعاب الوحيد الذي يمكن من خلاله للفنّان أن يبقى حيًّا، ليس حيّاً بالمعنى المجازي فقط، في نموّ فنّه، بل وبالمعنى المباشر. دون هذا الهاجس والانشغال سيموت.. ستفارق روحه جسده فوراً، سيذهب جثمانه للمقبرة، وروحه ستذهب للعماء.
هذا النوع من الهاجس والانشغال يمنح الأشياء بُعداً آخر، مفاجئاً وسحرياً، حيث لا تغدو الأشياء كما هي عليه في ظاهرها، بُعداً لم تره فيما يحيط بك، لكن عازفاً، أو شاعراً، أو روائياًّ، أو موسيقياًّ، أو رساماً، أو لاعباً في رياضةٍ ما، أو أو.. الخ، حكّ مكاناً غير مأهولٍ في ذهنك، فانتبهت،. وقلت: يا الله! يا سلاااام!
من الأشياء التي لا أملّ من العودة إليها، تلك الكتابة الشهيرة، من ثمانية مقاطع، التي دوّنها محمود درويش، عن.. وإلى فلتة كرة القدم العالمية مارادونا، وكانت قد نشرتها مجلّة اليوم السابع قديماً. (الرسالة موجودة كاملة بمواقع عدة على النت).
أذكر أني حين سمعت عنها أول مرة فكرت؛ ما الذي يمكن أن يكتبه شاعرٌ عن لاعب كرة قدم؟ بدقة أقرب؛ ما الذي يمكن أن يكتبه درويش عن مارادونا؟. تأملت الاسمين، فوجدتهما بشكلٍ ما، اللعنة والعبقرية ذاتها، لكنها ظهرت على هيئة صيغتين وعالمين. نعم، أحدهما يُفضي بالضرورة للآخر..
إليكم هذه، من كتابة درويش لـ مارادونا، وفي ختام آخر مقطع: “مارادونا.. يا بطلي، إلى أين نذهب هذا المساء؟! مارادونا.. ساعد أبويك، ساعدنا على تحمل هذه الحياة، وساعد هذا العصر على الخروج من السأم، والدخول في الحنين إلى البطولة الفردية”.
قل كل هذا أيضاً لدرويش!
المصدر: الوطن
http://alwatan.com.sa/Articles/Detail.aspx?ArticleID=23844