كاتب و ناشر من دولة الإمارات
إننا لا نعرف القيمة الحقيقية للحظات العمر إلى أن تغيب في أعماق الذاكرة .. جورج دوميل
ظاهرة الديجا فو وهي كلمة فرنسية الأصل تعني «حدث من قبل» وباللغة الإنجليزية تخدم نفس المعنى وهو «سبق أن شاهدته أو رأيته» وهذه الظاهرة تعني أن تعيش اللحظة في الحاضر وتشعر أنك قد عشت نفس اللحظة بكل ما فيها من قبل والآن يتكرر لك المشهد نفسه ! ويصاحب ذلك نوع من الغرابة والدهشة وأنت تتذكر التفاصيل.
وقد قام العلماء بمحاولة تفسير و تحليل هذه الظاهرة و قدموا نظريات وفرضيات ودخل فيها معهم الأطباء النفسيون وأطباء الأعصاب في محاولة لاكتشاف أسرار هذه الظاهرة الغريبة التي تعطيك إحساسا بأنك قد عشت اللحظة نفسها في الماضي والان تتكرر أمامك وتضعنا أمام أسئلة معقدة ومثيرة للأسئلة متى عشتها؟ وكيف؟ وأين؟ فهل نجح العلم الآن في فك شفرتها؟
أراهن على العلم والزمن بفك كل الشفرات والأحجيات وما لا نعرفه في الماضي ونرجعه لظواهر خارقة وغير معروفة أجاب عليه العلم اليوم بكل بساطة! وأبسط مثال أنظر إلى هاتفك الآن وخدماته وتخيل لوهلة أنك تحدث أصدقائك عن الهواتف ومميزاتها قبل عشرين سنة! سيتهمونك بالجنون وسيسخرون منك كيف يستطيع جهاز صغير أن يحمل العالم وأحداثه وصوره!
ضرب من الخيال و مستحيل قبل عشرين سنة أما اليوم وقد تطور العلم والتكنولوجيا فالجاهل من يفسر الأشياء بمنظور ضيق و يعتد برأيه ويهاجم الآخرين وهو لا يدري أنه يهاجم نفسه ويعرقل مسيرته ومسيرة الآخرين، لهذا بعض القناعات ندافع عنها بقوة في الماضي وعندما نتذكرها في المستقبل نتعجب من مواقفنا، كيف تغير الزمان و تغيرنا !
قرن أمون
يسمى الجزء المسؤول عن مركز الذاكرة أو الذاكرة في مخ الإنسان «بقرن أمون» وقد قسم بعض العلماء الذاكرة إلى ثلاثة أقسام: ذاكرة عابرة، ذاكرة مؤقتة، وذاكرة دائمة وحسب أهمية ذكرياتنا فإنها تدور وتخزن في واحد من هذه الأقسام حسب الأهمية ويتم استدعاء الذكريات شعوريا ولا شعوريا عند الحاجة و تختلف قدرات الأشخاص على تخزين الذكريات وحفظها و إرجاعها ثانية لأن لكل شيء تدريبا وتطويرا، لكن الواضح من خلال الأبحاث وخاصة البحث الذي نشر في مجلة «ساينس» الاميركية أن هناك منطقة في مركز الذاكرة تصنف الذكريات و تضعها تباعا في الذاكرة المناسبة !
المخيف في الأمر أن هناك عمليات كثيرة تجري في دماغ الإنسان في الثانية و تشتمل على تحليلات و تخزين و فرز و على أساسها تتخذ الكثير من القرارات المهمة !
الأن طرأت على بالي وتساءلت في أي ذاكرة أصبحت؟
ذاكرة ضائعة:
فتح الأبواب ودخل وأختار أجمل الذكريات ورحل، إنه النسيان لا يغلق الباب خلفه ، أعلم أنه سيرجع ثانية وسيختار أجمل اللحظات ليخطفها وسأكون له بالمرصاد، صراع بقاء، لن أتنازل عن ذكرياتي، حتما لن أتنازل عنك.
المصدر: جريدة الاتحاد