بعد ردود الأفعال الهستيرية الصادرة عن قادة إسرائيل بأطيافهم المختلفة، يمينهم ووسطهم ويسارهم، وقادة بعض الدول المصنفة على رأس القوائم للدول الأكثر تقدماً وتحضراً وديمقراطية، وبعد أن امتصت الأطراف المؤيدة الصدمة التي أحدثها قرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، لفت نظري ما قاله بعضهم، لا أعرف لماذا؟ ولكنني أعتقد لأنه كان الأكثر توضيحاً للواقع الذي يعيش فيه نتانياهو ومجموعة السائرين خلفه من المتطرفين، فقد علمنا أولئك الأشخاص ما هو المقبول وغير المقبول في العبث بالحياة في غزة.
إنها مدرسة، نعم، إسرائيل مدرسة في استخدام الكلمات وحرف المعاني، ومدرسة في تفسير كل حدث وكل جريمة وكل عدوان وكل مخالفة، وتطلب من الجميع أن يصدقوا ما تقول وما تذهب إليه عبقريتها في قلب الحقائق، وليس مستغرباً أن يكون تلاميذ هذه المدرسة نسخة مطورة لأساتذتهم من الأجيال السابقة.
ونعود إلى ذلك القول الذي تفتق عنه ذهن المنحازين، وكان محتجاً على قرار المدعي العام الدولي عندما نطق به، حيث قال «من غير المعقول مساواة دولة ديمقراطية ومنظمة إرهابية»، ونحن أيضاً نقول الكلام نفسه، وهذا يعني الاتفاق على «غير معقول»، فالمسافة شاسعة بين الطرفين، الطرف الديمقراطي والطرف الإرهابي، من وجهة نظرنا ووجهة نظره، فالإرهاب لا يجتمع مع الديمقراطية، هذا ما أراد أن يوصله لنا أصحاب ذلك الرأي، وليتهم أكملوا وأوضحوا وفسروا وبينوا، حتى نخرج بفائدة، بدلاً من تركنا معلقين، ليتهم قالوا لنا كيف يكون القتل تحت لواء الديمقراطية؟ هل يقطر القتيل دماً أخضر أم برتقالي اللون؟ وهل يقتل القتيل بقرار من البرلمان المسمى لديهم «الكنيست» أم برصاص وقذائف وصواريخ موجهة ودبابات تدوس البشر والحجر؟ نريد أن نعرف الفارق حتى نصل إلى نتيجة تحدد لنا المعقول وغير المعقول، أما التدثر برداء الديمقراطية للقتل والاحتلال فهذا كلام فارغ!
المصدر: البيان