توفي الجمعة غسان تويني أحد أبرز الصحفيين المخضرمين في لبنان عن عمر ناهز ستة وثمانين عاما.
وتويني هو عميد صحيفة النهار اللبنانية وتولى مناصب وزارية مختلفة، وهو والد النائب جبران تويني الذي قتل في بيروت بتفجير سيارة عام 2005.
لقب غسان تويني بعملاق الصحافة العربية بسبب عراقة صحيفة “النهار” التي تملكها عائلته والتي خرجت أجيالا من الإعلاميين، وأرخت لعقود من أحداث المنطقة، وقد فضلها تويني على السياسة التي أتقنها وتميز فيها بتجرده وترفعه عن المصالح الخاصة الصغيرة.
كانت الضربة الأقسى في حياة تويني في عام 2005 عندما اغتيل نجله النائب والصحفي جبران تويني في تفجير سيارة مفخخة، فخسر بذلك آخر فرد من أفراد عائلته الصغيرة.
ويروي صحفيون في النهار أن غسان تويني الذي كان في باريس يوم مقتل ابنه وعاد في الليلة نفسها إلى بيروت، اتصل بفريق التحرير ليملي عليهم عنوان الصفحة الأولى في اليوم التالي، وهو العنوان الذي صدرت فيه الصحيفة على ثمانية أعمدة “جبران لم يمت والنهار مستمرة”.
وبالقوة نفسها، وقف تويني في مأتم ابنه يدعو إلى التسامح والتعالي عن الأحقاد.
عرف غسان تويني بسعة علمه وثقافته ودبلوماسيته ومواقفه المستقلة، وإن كان شكل في بعض الحقبات جزءا من ائتلافات سياسية معينة.
ولد في العام 1926 لعائلة ارثوذكسية عريقة من الأشرفية شرقي بيروت، وتخرج في الجامعة الأميركية ببيروت من كلية الفلسفة عام 1945، ثم حصل على ماجستير في العلوم السياسية من جامعة هارفارد بالولايات المتحدة.
دخل البرلمان ولم يبلغ الخامسة والعشرين، وشغل مناصب وزارية مهمة، كما تولى منصب مندوب لبنان الدائم في الأمم المتحدة في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات في أوقات عصيبة تخللها خصوصا اجتياحان إسرائيليان.
ينظر إليه على نطاق واسع على أنه “عراب” القرار 425 الصادر عن مجلس الأمن الدولي في 1978 والذي دعا إسرائيل إلى الانسحاب من لبنان، الأمر الذي لم ينفذ حتى العام 2000.
من أبرز مؤلفاته “أتركوا شعبي يعيش” في 1984، و”حرب من أجل الآخرين” عن الحرب الأهلية اللبنانية في 1985، و”سر المهنة وأسرار أخرى” في 1995.
أما كتابه الأخير فحمل عنوان “لندفن الحقد والثأر، قدر لبناني”. وقد صدر باللغة الفرنسية بالتعاون مع الكاتب الفرنسي جان فيليب دو توناك، وهو عبارة عن سيرة ذاتية تروي محطات مهمة من حياة الصحفي والسياسي والدبلوماسي والإنسان.
كتب غسان تويني آلاف الافتتاحيات في صحيفة النهار، وكلفه بعضها دخول السجن بسبب جرأته ومواجهته السلطات في ذروة نفوذ ما كان يعرف بـ”المكتب الثاني” (استخبارات الجيش) في الحياة السياسية على الدولة في حقبة الستينات وأوائل السبعينات.
سجن غسان تويني في عام 1973، بتهمة “إفشاء أسرار الدولة” بعد أن سربت جريدة النهار بنود اتفاق القاهرة الشهير السري بين لبنان ومنظمة التحرير الفلسطينية، الذي أحدث هزة في الساحة اللبنانية.
تزوج غسان تويني في الخمسينات من الشاعرة ناديا تويني، متحديا وإياها كل التقاليد والأعراف، كونها متحدرة من عائلة درزية عريقة من جبل لبنان، ورزق الزوجان بثلاثة أولاد: نايلة التي توفيت في السابعة إثر اصابتها بالسرطان، ومكرم الذي قضى في حادث سير في فرنسا وهو في ربيع العمر، وجبران الذي كان في الثامنة والأربعين عندما قتل.
أما ناديا، فقد توفيت بعد أربع سنوات من وفاة ابنتها بالمرض ذاته، وتزوج غسان تويني مرة ثانية من شادية الخازن العام 1996.
المصدر: سكاي نيوز عربية