رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
على عكس مقالاتي السابقة، جاء ردّ جامعة الإمارات فورياً وسريعاً بخصوص مقالي الأخير حول «إدارة الموارد المالية في الجامعة»، في الوقت الذي كنت أتطلع إلى أن يصلني ردّ بالسرعة نفسها حول مصير الطلبة المواطنين، الذين سيواجهون معاناة قبولهم في جامعتهم الوطنية «الأم»، أو بخصوص إصرار الجامعة على المضي قدماً في مشروع «التحول» الذي تبنته موظفة مقربة من الإدارة العليا، بعد أن فشل «قريبها» في تطبيقه بمؤسسة تعليم عالٍ أخرى، واستطاعوا تمريره في الجامعة، بل واستقطبوا الشركة ذاتها التي كانت تعمل فيها الموظفة ذاتها، هي وبعض العاملين الوافدين في إدارة الجامعة، ولا أستطيع أن أجزم بأن كل ذلك مجرّد مصادفة!
عموماً ووفقاً لرد الجامعة في جزئية مجال البحوث، كنا ننتظر أن يكون الرد أكثر عمقاً، ومرتبطاً بإحصاءات توضح نوعية وكمية البحوث ذات العلاقة المباشرة بالدولة والمجتمع، بدلاً من أن يكون حديثاً عاماً عن إنجازات غير ملموسة ميدانياً، وطالما إدارة البحوث في الجامعة تؤدي دورها بشكل إيجابي، كما ورد في الرد، فلماذا تتجه الجامعة إلى تغيير إدارتها، ونقل نائب المدير لشؤون البحث العلمي إلى جهة أخرى في الجامعة!! ولماذا يتم ذلك في هذا التوقيت!
وفي ما يتعلق بعدد البحوث، المذكور في رد الجامعة، وعلاقته بتصنيف الجامعة عالمياً، فإنه يثبت جهل من كتب الرد بأن الكثير من العاملين في الجامعة أو خارجها، يعلم جيداً بأن البحوث العلمية تعتبر بنداً جزئياً في فئات التصنيف الذي يعتمد على مؤشرات أخرى كثيرة، مثل السمعة الأكاديمية، وتوظيف الخريجين وغيرهما من البنود، ومع ذلك كله، هل لنا أن نعرف مردود هذه الأبحاث التي خُصص لها مبلغ يفوق الـ50 مليون درهم في عام واحد، ألا يثبت غياب المردود أن الصرف في هذا المجال، لا يتناسب ولا يتوازى أبداً مع الإنتاجية.
الأرقام الكمية لا تعكس إطلاقاً جودة المحتوى ونوعيته، فهناك مشاريع بحثية لم تكتمل، والهدر المالي عليها كبير جداً، بدءاً من تشكيل فريق البحث، وإنجاز الخطط، وغيرهما من الإجراءات، ثم في نهاية الأمر لا تعدو أن تكون مشاريع بحوث تُحفظ في الأدراج!
ووفقاً لرد الجامعة حول نقطة وجود مختصين في التدقيق الداخلي والمالي وغيره، إضافة إلى دور ديوان المحاسبة في الرقابة، فإني لا أنكر ذلك، لكن هل لنا أن نتساءل: لمن يتبع مكتب التدقيق الداخلي مباشرة؟ وهل يشرف ديوان المحاسبة على أموال الدعم الخارجي؟ وإذا كانت الجامعة تُقر برقابة الديوان، فلماذا لا تتخذ إجراءات تصحيحية على ملاحظات الديوان، التي نبهت في التقرير نصف السنوي من العام الماضي، في الفقرة الأولى، بوجود هدر مالي ناتج عن عدم وجود آلية لتحصيل الأموال من الطلبة الدوليين!
إن رد الجامعة يحيلنا إلى الحديث عما يتم العمل عليه الآن، وهو توجه الجامعة إلى التغيير من خلال لجنة «التحول»، وهي لجنة تكونت لتحقيق أهداف عدة، أهمها الخطة الاستراتيجية الجديدة، والهيكل التنظيمي الجديد، والسياسات والإجراءات، وغيرها، فهل ما يحدث الآن من ربكة هو بسبب البدء في تنفيذ هذا البرنامج؟ خصوصاً أن اختيار أعضائها الجدد أصبح بالفرض والإجبار، ومن الذي يقابل ويختار؟! أم بسبب المركزية المطلقة التي تستخدمها الإدارة العليا في إدارة الأمور؟
هل وجود عناصر تنقصها الخبرة، ومع ذلك تتحكم في قرارات مهمة، وتتجاهل مشاركة المسؤولين والأكاديميين في القرارات الاستراتيجية، أدى إلى هذا الانحدار؟
يحزنني عندما يأتي الرد منمّقاً ومليئاً بالمصطلحات الفارغة من أجل التغطية على السلبيات بدلاً من الاعتراف بوجود الخلل، لكن إن دل ذلك على شيء فإنما يدل على تضخم الذات عند البعض، والكبرياء الزائفة التي تمنع الإنسان من النظر بشفافية وموضوعية لما فيه المصلحة العامة!
المصدر: الإمارات اليوم