واجه صديقي تحديات جسيمة طوال السنوات القليلة الماضية أثرت في أدائه العملي واستقراره النفسي. كان يشعر بحزن كلما شاهد أداء طفله في المدرسة. فقد كان يتطور ببطء شديد جدا مقارنة بأترابه. يذهب إلى المدرسة قسرا ويعود منهارا. يشتكي منه أساتذته ويشكو أساتذته. يزعم أنه لا يفهم عليهم ويدعون أنه لا يركز مع شرحهم ولا يبالي بأسئلتهم واقتراحاتهم. نقله إلى غير مدرسة دون جدوى. الوضع ظل كما ما هو. احتجاجات متبادلة من الطرفين. وصل صديقي عبدالعزيز إلى قناعة أن ابنه أقل ذكاء من غيره على الرغم من أنه لا يحس بذلك في المنزل. فهو يحس أنه أذكى حتى من أبنائه الأكبر سنا. لكن لم يستطع أن يقف في وجه عاصفة معلميه. جلب له معلما خاصا في المنزل حتى يلحق بركب رفاق فصله ولا يزيد إحساسه بالنقص أمامهم. لكن كان للمعلم الخاص رأي آخر. قال له ابنك لا يحتاج إليّ. ابنك أذكى مني. أعتقد أنه يحتاج إلى مراجعة طبيب للكشف على نظره أو سمعه فربما لديه مشكلة كوّنت عنه هذا الانطباع السلبي. تجاوب الأب على جناح السرعة مع اقتراح المعلم الخاص وكشف على ابنه في عيادات عدة وأظهرت أن لديه مشكلة في السمع أسهمت في عدم التقاطه كل ما يقوله المعلم وشعوره بالإحباط داخل الفصل.

إن ما تعرّض له طارق ابن صديقي في مدرسته من اضطهاد وشعور بالأسى قد يتعرّض له فلذة كبدي أو كبدك. ربما تعرّضنا له ونحن لا نعلم.

أتذكر جيدا أنه عندما كنت أدرس في بريطانيا كانت ابنتي تخضع لكشف دوري مبكر قبل دخولها إلى المدرسة للتأكد من قدراتها وإمكاناتها الذهنية والعقلية والسمعية والبصرية والذكائية.

إنني أطالب وزير تعليمنا الجديد بإقرار الكشف المبكر على جميع الطلاب قبل دخولهم المدارس، حتى لا يتعرضوا لاعتداءات نفسية بسبب ذنب لم يرتكبوه، حتى لا نفقد طالبات وطلابا واعدين بسبب انطباعات وهمية سطحية.

إننا لو اكتشفنا المشكلات السمعية مثلا لطفلنا مبكراً دون سن الخامسة وتم إجراء عملية زراعة قوقعة له فإنه سيكون إنسانا طبيعيا بلا إعاقة.

نستطيع حقا تقليل معاناة أطفالنا عبر التدخل المبكر، آملين أن يكون الكشف المبكر من أولويات وزيرنا الجدد.

إن أسوأ شيء نرتكبه في حق أطفالنا أن نهملهم وأفضل شيء أن نلهمهم. مدوا أيديكم لهم ولا تمدوها عليهم. فاجعلوها رحيقا بدلا من أن تشعل حريقا.

المصدر: الاقتصادية
http://www.aleqt.com/2015/02/01/article_927663.html