رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
سيدة خليجية كتبت شكوى على مواقع التواصل الاجتماعي، تقول فيها إنها تعرضت لمعاملة غير لائقة من موظفة حكومية في مطار دبي، وبعد فترة زمنية قصيرة من كتابتها للشكوى، عاودت الكتابة لتشكر المسؤولين في الشرطة، وفي مقدمتهم اللواء عبدالله خليفة المري، الذي سارع شخصياً بالاتصال بها و«الاعتذار» لها، كما قالت!
بداية ما فعله قائد عام شرطة دبي، اللواء عبدالله خليفة، لاشك أنه عمل جيد، ويستحق عليه الإشادة، وهو تصرف مسؤول من مسؤول يبحث عن رضا المتعاملين والجمهور بمختلف جنسياتهم، وهذا توجه واضح عند جميع مسؤولي حكومة دبي من دون استثناء، صنعوا به الفرق لرقي مدينتهم، وحققوا لها سمعة متميزة في تقديم الخدمات بجودة عالية، إضافة إلى تنافسهم بشدة لكسب رضا المتعاملين، من مواطنين ومقيمين وزوار.
قصة هذه السيدة انتهت عند هذا الحد، ولكنها بالتأكيد ليست قصة كاملة، فالرسالة الأولى كانت عنيفة في وصف تصرف هذه الموظفة الحكومية، ومن دون أن تُعطينا هذه السيدة أي مبرر لهذا الفعل، كما أنها سردت رواية واحدة من طرفها فقط، ووجهتها في إطار سوء تصرف من موظفة، وظُلم تعرضت له هي وأطفالها، من دون أن يبدر منها ومنهم أي فعل يبرر ذلك الفعل غير اللائق من الموظفة، وبعد ذلك رسالة مديح وشكر بعد أن تلقت اتصالات هاتفية قدمت لها «الاعتذار»!
لا أحد أوضح لنا ما حدث، ومن سابع المستحيلات، وأنا أتحدث هُنا عن مطار دبي تحديداً، وعن موظفيه في كل الأقسام، المعروف عنهم البشاشة واللطافة والتهذيب العالي، أن تكون الرواية كاملة وحقيقية كما روتها السيدة، فبكل تأكيد لن تتعامل موظفة حكومية وفي مطار دبي بطريقة غير لائقة مع أي زائر مهما كانت جنسيته، لا أكذّب هذه السيدة لكني على قناعة تامة بأخلاقيات الموظفين في المطار، فهم بشكل عام لن يبادروا بالتجني على أحد من دون سبب!
هناك حلقة مفقودة في الموضوع، والشكوى التي كتبتها السيدة في صيغتها الأولى تحمل كثيراً من الكلمات القاسية، والمبالغة في وصف الموقف، كما أنها تتضمن اسم الموظفة، وهذا من دون شك فيه شيء من التشهير، حتى لو افترضنا أن كل تفاصيل الشكوى صحيحة!
لذلك كان من الأجدر أن تتحقق شرطة دبي من الأمر بشكل كامل أولاً، ثم تروي للناس ما حدث على حساباتها في مواقع التواصل الاجتماعي، لتبيان الحقيقة، ومن ثم أخذ حق السيدة المشتكية إن كانت على صواب، أو رد اعتبار هذه الموظفة إن لم تكن مخطئة.
لسنا ضد الشكوى، بل نحن مع توعية الناس بضرورة الشكوى للجهات المختصة في حال تعرضوا لظلم، لكنّ للشكوى قواعد وطرقاً، وبما أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت أداة لدى كل فرد، فعلى المسؤولين أن يكونوا أكثر حذراً في التعامل معها، فهي في الغالب تسرد رواية شخصية من طرف واحد، ما يعني أن العدالة في إطلاق الحكم حتماً ستكون ناقصة!
المصدر: الإمارات اليوم