رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
مثلما ذكرت في مقال أمس حول منع مواطن من السفر بسبب مخالفة بلدية تبلغ قيمتها 1000 درهم، أن الموضوع ليس شخصياً، فالظاهرة عامة، وعاناها كثيرون، وهذا ما لاحظته عبر ردود الأفعال الكثيرة التي وصلتني حول المقال.
أحدهم، وقصته أغرب وأعجب، فهو يقول مُنعت من السفر، أنا وعائلتي بسبب مخالفة مرورية قيمتها 200 درهم، وآخر بسبب 500 درهم، وكثيرون هم من مرّوا بالظرف نفسه والموقف الصعب المحرج نفسه.
وكما توالت ردود الفعل لرواية قصص ومواقف مشابهة، جميعها حدثت في مطارات الدولة، كانت هناك اتصالات كثيرة أخرى، تستفسر وتتساءل عن المطار والبلدية المعنية بالمخالفة، وهنا أودّ التأكيد على أن هذه المعلومة ليست هي أساس المشكلة، ولن تفيد في إيجاد حل لها، ولو كانت هذه المعلومة مفيدة لما تجاهلت ذكرها في المقال السابق، المهم في الأمر هو أن هذا الإجراء موجود في إمارات الدولة كافة، والأهم الآن هو تحرك الجهات المعنية لإيجاد حل لهذه المشكلة، فليس من صالح أحد إلحاق ضرر بالغ بالمواطنين بسبب مبالغ زهيدة، وليس من صالح أحد إبقاء هذا الإجراء بشكله الحالي وصورته الحالية، فهو لا يتناسب أبداً مع ما وصلت إليه دولة الإمارات، سواء في تطوير الخدمات الحكومية الذكية، أو في توفير سبل الرفاه للمواطنين، وجعلهم سعداء في كل خطوة يخطونها، وفي كل مكان يدخلون إليه داخل الدولة.
شخصياً أؤمن إيماناً كاملاً، أن هذا الإجراء لا يُشكل قاعدة في العمل الحكومي في الإمارات، فالجمهور لم يعتد أبداً على هذه البيروقراطية، ولم يعتد أيضاً على هذا التعنت في التطبيق، وأعتقد أنه ورغم وجود قرار يقضي بمنع سفر مثل هذه الحالات، كان بإمكان أي مسؤول مناوب أن يحل مثل هذه الإشكالية، فالقانون ليس منزلاً من السماء، والأخذ بروح القانون أحياناً أهم وأفضل من تطبيق القانون، كما أعتقد أنه لا يمكن أن يتعرض مسؤول تنفيذي في مطار ما إلى اللوم أو التقريع أو العقوبة لأنه سمح لعائلة مواطنة بالسفر رغم وجود مخالفة مرورية أو بلدية قيمتها 1000 درهم أو أكثر، لا أتخيل أبداً أن يحدث ذلك في الإمارات!
من هنا يمكننا مطالبة الجهات التنفيذية في مطارات الدولة، بالتصرف ومحاولة إيجاد حلول داخلية، يسهّلون من خلالها على المسافرين، خصوصاً المواطنين، الذين يتعرضون لمواقف صعبة مثل منع السفر بسبب مبالغ زهيدة، وبشكل لا يلغي حق الجهات المعنية بالمطالبة بحقوقها لاحقاً، مثل هذا الإجراء لاشك في أنه سيساعد كثيراً في حل هذه المشكلة، ولو بشكل مؤقت، إلى حين صدور قانون واضح يقضي على هذه الظاهرة بشكل كامل، ويضع حلولاً فعّالة ومريحة لجميع الأطراف.
المصدر: الامارات اليوم