سعيد المظلوم
سعيد المظلوم
ضابط في شرطة دبي برتبة مقدم ، حاصل على درجة الدكتوراة من جامعة سالفورد بالمملكة المتحدة في إدارة التغيير وعلى درجة الماجستير في الإدارة العامة (MPA) من جامعة ولاية أوريجون بالولايات المتحدة الأمريكية، مهتم في مجال الجودة والتميز المؤسسي ، يعمل حالياً مديراً لمركز أبحاث التميز بالإدارة العامة للجودة الشاملة بشرطة دبي

سأصبح مليارديراً .. !

آراء

في العام 1998 كان ريتشارد برانسون الملياردير البريطاني مؤسس مجموعة «فيرجن» يقضي إجازة مع 20 من موظفيه من شتى أنحاء العالم، ولم يكن الموظفون من ذوي المناصب العليا، بل كانوا من قبيل عامل التشغيل، وموظف الحجوزات، ومساعد كابتن الطائرة وغيرهم ممن حالفهم الحظ بهذه الإجازة كتقدير لإخلاصهم في العمل، ومع صيف كل عام أيضاً يستضيف الملياردير برانسون في حفلة خارج العاصمة لندن جميع موظفي الشركة مع عائلاتهم، ويقوم باستقبالهم شخصياً، ويشاركهم أطراف الحديث.

لماذا نذهب بعيداً إلى أوروبا، فلنعد إلى هنا في بلدنا الإمارات، فها هو صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد المكتوم يتطرق في كتابه «رؤيتي» إلى قصة في قمة الروعة، حين ذكر: ذات يوم دخل موظف إلى الديوان وشكرني بكلمات خجولة قليلة على ترقيته إلى منصب نائب مدير إحدى الدوائر، متمنياً أن يكون عند حسن الظن، ثم استأذن بالانصراف، فأمسكت يده وأجلسته وقلت له: محمد .. لا تحسب أن ترقيتك جاءت صدفة، فأنا أتابع عملك منذ سنوات، وأعرف عنك كل شيء. استغرب الموظف وقال: أنا موظف من عشرات الآلاف من الموظفين مثلي ..! فقلت له: كنت هكذا، ولكن حدث ما جعلنا نهتم بك ونتابع أداءك ..! ازداد استغراب الموظف، فالتفت حولي وناديت شاباً اسمه معضد وهو أحد أفراد فريق «المتسوقين السريين»، وطلبت منه أن يروي للحاضرين قصة الموظف. حيث كان الموظف لا يمكث في مكتبه طويلاً، وكثيراً ما ينزل إلى صالة المتعاملين، وربما وجد مستثمراً كبيراً في السن، فساعده على إتمام الإجراءات وقدم له الشاي وأوصله إلى الباب، وربما استكمل أوراق متعامل آخر، أو فعل أكثر مما هو مطلوب منه.

بين القصتين درس وعبرة، فريتشارد «الرئيس» تواضع، فكسب قلوب مرؤوسيه، والموظف محمد «المرؤوس» تواضع، فكسب قلب رئيسه، فالتواضع مع حسن المعاملة في كلا الحالين مكسب ورفعة، فالتواضع سمة أساسية لابد أن يتحلى بها كل مسؤول وقائد. لا نطلب ترك الحبل على الغارب، ولا نطلب منه أيضاً أن يعيش في برجه العاجي ناظراً بدونية إلى الآخرين. ففي حياة العمل هناك الموظف الذي هو بحاجة إليك، وهناك المتعامل الذي يسأل مساعدتك، فكن سمحاً .. وكن متواضعاً .. وكن مبتسماً تكسب قلوب الجميع.

نعم .. ولم لا !؟ سأصبح «مليارديراً» لا بالمال، بل بالتواضع لأكسب نفسي أولاً، وأكسب بها الآخرين.

المصدر: صحيفة الرؤية