قالت وكالة «ستاندرد آند بورز» العالمية إنها تصنف السعودية عند مستوى «AA – – مستقر» ضمن المجموعة الثانية من تقييم مخاطر القطاع المصرفي في المملكة، إلى جانب دول مثل سنغافورة وفرنسا وهونغ كونغ وأستراليا، مشيرة إلى أن عوامل التصنيف الرئيسة تتمثل في نقاط القوة التي يحملها القطاع من خلال عدد محدود من البنوك تتمتع بامتياز العميل المحمي، وودائع العملاء الرئيسيين الوفيرة، والتنظيم والإشراف الصارم على القطاع المصرفي، إضافة إلى الأداء المالي القوي والرسملة العالية.
في حين أشارت في تقرير صدر أمس وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه إلى أن نقاط الضعف للقطاع المصرفي تتمثل في أنه يعمل ضمن اقتصاد نفطي قابل للتقلب، ومخاطر مركزة على صعيد الإقراض المؤسسي، وأخيرا ذمة مالية محدودة من مجموعات الشركات العائلية.
وأشارت في التقرير إلى أنها تتعامل معاييرها مع مجموعة تقييم مخاطر القطاع المصرفي في الدولة «BRICA» كإطار «مصمم لتقييم ومقارنة الأنظمة المصرفية العالمية»، لافتة إلى التحليل الخاص بإحدى الدول للمؤسسات المالية المصنفة وغير المصنفة التي تتعامل مع الودائع، أو تعزز الائتمان، أو ترتبط بالنشاطين معا. ويغطي التحليل كامل النظام المالي للدولة بالتزامن مع دراسة علاقة القطاع المصرفي بالنظام المالي بصورة إجمالية.
ويتضمن تصنيف «BICRA» مجالين رئيسين من التحليل هما «المخاطر الاقتصادية» و«المخاطر الصناعية»، حيث تم تصنيف السعودية في هذين المجالين ضمن المجموعتين «3» و«2» على التوالي.
وستبحث «ستاندرد آند بورز» عن دور وكالات التصنيف في دعم تطوير أسواق الدين السعودية، وذلك خلال منتدى تعقده في العاصمة السعودية يوم الثلاثاء المقبل التاسع مع أبريل (نيسان).
وبين التقرير إلى أنه جرى تصنيف السعودية في المجموعة «3» في مجال المخاطر الاقتصادية، موضحا أن هذا الأمر يعكس تقييما «متوسط الخطورة» للمرونة الاقتصادية، وتقييما «منخفض الخطورة» لحالات اختلال التوازن الاقتصادي، وتقييما «متوسط الخطورة» للمخاطر الائتمانية في الاقتصاد.
ولفت إلى أن التقييم «متوسط الخطورة» لـ«المرونة الاقتصادية»، واعتماد الاقتصاد على أداء الصناعة الهيدروكربونية والتحديات، التي تتم مواجهتها في مجال دمج التركيبة السكانية الشابة والتي تنمو بشكل سريع.
وأكدت «ستاندرد آند بورز» أن السعودية تعد من كبار الدول المنتجة للنفط في العالم، وهي تمتلك احتياطيات حقيقية ضخمة، وتدعم أسعار النفط العالية السياسات الحكومية في مجال تحديث البنية التحتية، وتعزيز التنوع الاقتصادي، ودعم نمو القطاع الخاص من خلال خطط الإنفاق الضخمة.
ولفتت إلى أن المرونة المالية تتسم بالمحدودية نظرا لارتباط الريال السعودي بالدولار الأميركي، على الرغم من أن ذلك يؤمن استقرار الاقتصاد، كما يأخذ التقييم بعين الاعتبار المخاطر السياسية والجيوسياسية المحتملة على المدى الطويل.
وتعتقد وكالة التصنيف العالمية عدم وجود حالة رئيسة من حالات اختلال التوازن الاقتصادي، مثل فورة الأصول المدعومة بالائتمان، والتي تشكل تهديدا للقطاع المصرفي، حيث شهدت السوق المالية السعودية تقلبا كبيرا حتى نهاية عام 2008، لكنها باتت مستقرة بصورة نسبية منذ ذلك الحين، وبصورة إجمالية لم يكن لذلك تأثير مهم على البنوك بمعزل عن تقلب أسعار الوساطة المالية.
وأضافت: «ينطبق نفس الأمر على السوق العقارية السعودية، التي نرى أنها مدعومة بالطلب الحقيقي، خاصة على مستوى فئة العقارات السكنية. وعلى الصعيد الخارجي، فقد سجلت السعودية وفورات كبيرة من الحسابات الجارية خلال العقد الأخير ونتوقع أن يستمر هذا التوجه».
وتوفر البنوك السعودية ممارسات إقراض ومعايير اكتتاب ملائمة، فضلا عن سجل جيد في الحفاظ على مؤشرات الجودة العالية، وتتعامل البنوك بصورة أساسية مع المجموعات المؤسسية الكبيرة التي تشارك في المشاريع المدعومة حكوميا، ونتيجة العدد المحدود من العملاء المؤسسين الكبار والتنوع الاقتصادي الضيق، فإن إمكانية الانكشاف على جهة واحدة عالية. وتشهد الحوكمة المؤسسية للمجموعات العائلية وعمليات الانكشاف المالي تحسنا، لكنه لا يزال بطيئا، وعلى مستوى خدمات التجزئة المصرفية يعد التخلي عن الراتب مقابل القروض الشخصية من الميزات الوقائية للبنوك، ويشكل التمويل المنزلي نحو 5 في المائة من إجمالي الائتمان المصرفي للقطاع الخاص، ومن غير المرجح أن يحصل هذا القطاع على جزء مهم من الائتمان المصرفي حتى يتم تطبيق واختبار الإطار القانوني الجديد بالكامل.
وجرى تصنيف السعودية في مجال المخاطر الصناعية ضمن المجموعة «2». ويعكس هذا الجانب تقييما «منخفض الخطورة» للمرونة الاقتصادية، وتقييما «منخفض الخطورة» لحالات اختلال التوازن الاقتصادي، وتقييما «منخفض الخطورة» للمخاطر الائتمانية في الاقتصاد.
ويعكس التقييم وفقا لما ذكرته «ستاندرد آند بورز» لـ«الإطار المؤسسي» الاعتقاد بأن مؤسسة النقد العربي السعودي – البنك المركزي – تراقب النظام البنكي بكفاءة، حيث تحول دون دخول البنوك في استراتيجيات عالية الخطورة أو التعامل مع منتجات معقدة. وتعتقد أن «ساما» لعبت دورا فعالا خلال السنوات الماضية في مجال الحد من المخاطر الإجمالية التي تواجهها البنوك من خلال التحكم بنمو الائتمان، وبصورة خاصة في قطاع خدمات التجزئة المصرفية، كما يصنف السجل التنظيمي بـ«المتوسط».
وبين التقرير أن «ساما» ساندت على الدوام تعزيز قوة رؤوس الأموال والائتمان وتعديلات الائتمان خلال السنوات الماضية، وتم تطبيق قوانين اتفاقية «بازل 2» في عام 2008، الأمر الذي أدى إلى ممارسات قوية في مجال إدارة المخاطر، حيث تضمن ذلك تشكيل مكتب للائتمان، ومع ذلك فقد تحد مكانية الانكشاف العالية على اسم واحد من قدرة البنوك على امتصاص الخسائر بصورة متواصلة إذا ما تخلف عدد صغير من المقترضين عن تسديد قروضهم في الوقت نفسه.
ويعمل 12 بنكا تجاريا فقط في السعودية، ومن غير المتوقع أن تتغير السوق بصورة ملحوظة، بحسب وجهة نظر «ستاندرد آند بورز»، وتستفيد البنوك من امتيازات محمية بشكل جيد إلى جانب فرص أعمال جيدة. وتعتقد بأن المخاطر مقيدة في ظل تركيز البنوك على النشاطات المصرفية التجارية الموجهة نحو العميل بالتزامن مع نمو القروض المتحكم بها بشكل أفضل.
ويظهر القطاع المصرفي السعودي مؤشرات ربحية عالية ومرنة، ولا توجد أي انحرافات محددة في السوق تؤثر على القطاع، وفي الوقت الذي تمتلك فيه العديد من الهيئات المرتبطة بالحكومة حصصا مهمة من رأس مال البنوك، فإننا نؤمن بأنها لا تتدخل في الإدارة اليومية.
وتعتمد البنوك على ودائع العملاء الأساسيين لتمويل عملها، وقد تمت تغطية معدل القروض إلى الودائع بنسبة 85 في المائة بحسب القوانين الناظمة، ومن الناحية السلبية فإن استحقاق الودائع قصير للغاية ولا توجد سوق دين محلية قوية وحوافز حقيقية لتطويرها بسبب وفرة الودائع منخفضة التكلفة في النظام.
وتصنف الحكومة السعودية حسب التقرير كداعم كبير للقطاع المصرفي المحلي، مشيدا بسجل الحكومة الحافل بتوفير الدعم الاستثنائي للنظام المصرفي في أوقات الضغط، ويقيم قدرتها على مواصلة القيام بنفس الأمر بكفاءة عالية.
المصدر: صحيفة الشرق الأوسط