كاتبة سعودية
نعتز بأننا بدأنا من البادية ونشأنا في الصحراء القاحلة، التي نفخر بالانتماء إليها. ونفخر أيضاً بتحويلها إلى واحة غناء، في أكبر تحدّ ممكن أن يواجه الإنسان، فترويض خشونة الصحراء أمر ليس بالهين أبداً. ومع ذلك نجحنا ولله الحمد في هذا التحدي. فاليوم صحراء مثل الربع الخالي، لم تبق كالصحراء التي يعرف العالم بالأمس، بل تحولت إلى صرح صناعي وآلي ضخم، يضاهي بقوته وتفرده مثيلاته حول العالم. فالإصرار والعزيمة والتعطش للنجاح، الذي ينبع من نفوس شعب هذا الوطن، لا يستطيع أن يفهم حجمه وعمقه إلا نحن.
فكل يوم يثبت أبناؤنا، في أماكن متفرقة حول العالم، كفاءة وقدرة عالية، في خوض تحديات جديدة، من تبنّ لأنظمة وبرامج متطورة ومبتكرة، تواكب ما تتطلب المرحلة، وتتوافق مع احتياجات العصر الذي نعيش. فكثير من أبناء وبنات هذا الشعب الوفي، يعمل بشغف وحب متناهيين. فينجز ويبتكر بهدوء وبشكل مستمر، لتغيير الصورة الذهنية والنمطية، التي ضلل بها ثلة من المجرمين والإرهابيين، الرأي العام، لتشويه الإسلام، والإنسان السعودي والعمق الاجتماعي والثقافي داخل المملكة.
انطلقت قافلة السعودية بعدتها وعتادها، لتشق طريقها رغم قساوة الظروف، نحو القمة. ففيما تكفل الأمير محمد بن سلمان، بتمهيد الطريق الوعر أمام القافلة، أخذ بقية شبابنا على عاتقهم في الداخل والخارج، زرع هذا الطريق ببذور العلم والحب والسلام، لإيصال الصورة الحقيقية عن المملكة وشعبها.
ففي أستراليا، على سبيل المثال. قامت أختان من خريجات مرحلة الدكتوراه، في مجال إدارة تقنية المعلومات «الدكتورة منيرة والدكتورة حياة محمد السحلي»، بمبادرة تأسيس مشروع السلام العالمي، وشاركتا به في ركن المتميزين، ضمن فعاليات حفل التخرج 2017، الذي أقامه النادي السعودي في ملبورن. وتهدف هذه المبادرة، التي تعكس فكر وثقافة المجتمع السعودي، إلى تسليط الضوء على شؤون السلام والحب والرحمة والإنسانية المشتركة، بين جميع الأديان الرئيسية في العالم. وتعاونت الأختان مع شركة المركز الأسترالي للتعليم والتدريب، لنشر الوعي حول أهمية السلام بشكل عام، وحول أن الإسلام دين وسطي، لتغيير المفاهيم المغلوطة، حول إمكانية أن يكون مصدرا للعنف أو التطرّف. وذلك بتزويد المجتمع العالمي، في النصف الآخر من الكرة الأرضية، بمصدر موثوق من المعلومات، التي يمكن الوصول إليها بكل سهولة، للتعرف على الدين الإسلامي الحنيف، الذي من الأساس يحث على السلام بين الأفراد، وتقبل الآخر مهما كان الاختلاف.
وتعتبر مبادرة السلام العالمي والأكاديمية السعودية لشؤون السلام، من أهم المبادرات التي أطلقها الطلبة المبتعثون في الخارج، وقدموا من خلالها، صورة مشرفة عن المجتمع السعودي في الداخل.
وفي الداخل، أبهرت مخترعة سعودية تبلغ من العمر 14 عاماً، الحُكام في الخارج في معرض «إيتكس». فبعد أن حصدت «خلود العباسي» 5 ميداليات ذهبية و5 جوائز خاصة، كان أهمها جائزة من منظمة «الوايبو» السويسرية للمخترعين، التي تعد أكبر منظمة اختراعات في العالم، وذلك لتقديمها براءة اختراع، تحت مسمى «السكوتر الذكي»، الذي من شأنه المساهمة بفعالية في الحفاظ على البيئة. ويختلف السكوتر الذكي عن العادي اختلافاً كبيرا، حيث يرتفع السكوتر الذكي عن الأرض قليلاً، ويعمل ببطارية صديقة للبيئة، بالإضافة إلى أنه ينتج الأكسجين وقابل لإعادة الشحن، بينما العادي يعمل ببطارية ليثيوم قابلة للانفجار وضارة بالبيئة. فحصلت على الميدالية الذهبية من الوفد الأوروبي، وشهادة تقدير خاصة كأفضل مخترعة، بالإضافة إلى الميدالية الذهبية من الوفد الآسيوي، والميدالية الذهبية من معرض كيوي في كوريا الجنوبية كأفضل اختراع، والميدالية الذهبية وجائزة خاصة من وفد الصين، وجائزة خاصة من الوفد التركي. كما رشحتها «الوايبو» السويسرية، لتمثيل السعودية في مركز جنيف للمخترعين العام التالي. وعلى الرغم من صغر سنها، إلا أنها تحلم بأن تصبح عالمة ذرة، وتنضم إلى وكالة الفضاء الأميركية «ناسا»، أو إلى مدينة الملك عبدالله للطاقة النووية في الرياض. وربما لا يعرف الكثير أن المخترعة الموهوبة، اشتركت في الكثير من المنافسات العالمية، واستطاعت الفوز على أكثر من 3000 من المخترعين. بعد أن وضعت أمام عينيها نموذج العالم أينشتاين، كمثال للنجاح، ليحفزها على مزيد من القراءة في الهندسة والطيران والبيئة. وقامت بإعداد الكثير من الأبحاث عن الذرة والأمراض المستعصية. ومثل خلود وحياة ومنيرة، الكثير من الشباب والفتيات، الذين لا يعرف الكثير عنهم، ولا ينتظرون تصفيقا، بل يشعرون بالسعادة والبهجة، حين يشعرون أنهم أضافوا إنجازاً آخر لخدمة الوطن والبشرية.
ومن هنا نؤكد، أن قافلة المملكة مستمرة في شق طريقها نحو القمة، ونثق بأنها لن تتوقف بعون الله وقوته، مهما صادفها من صعاب في الشمال والجنوب، أو تحديات في الشرق والغرب، وسنستمر طوال الطريق في نثر بذور العلم والحب والسلام، ونحن نغني (ستبقى لمجد العُلا منبرا.. ستبقى لمجد العُلا منبرا).
المصدر: الوطن