سرقة أفكار الناس أشد فتكاً من سرقة أموالهم، لأن الذي يسرق فكرة أو قصيدة، فكأنما سرق جزءاً من قرص الشمس، فأصابها بالكسوف..
اليوم أصبحت السرقات الأدبية، مجالاً لارتقاء الأنصاف والأشباه إلى مراتب العلا، والشهرة المزيفة. وهؤلاء الأشخاص يطبقون القول الكريم: «إذا لم تستحِ فافعل ما شئت»، «فلا من شاف ولا من دري»، وفي النهاية سيقال عن هذا الكائن النصف، إنه شاعر أو أديب أو مفكر أو باحث.
هؤلاء الأشخاص أمنوا العقوبة فأساؤوا الأدب، وفي غياب تفعيل قانون حماية الملكية الفكرية، أصبحوا كالوباء، يعيثون فساداً في الساحة الثقافية، ويشوهون ويسفون ويخسفون وينسفون الثوابت بلا رادع أو وازع، وكل ما أتمناه أن تتدخل وزارة الثقافة وتنمية المعرفة لكونها السقف الذي نستظل بظله، وكذلك المجلس الوطني للإعلام، واتحاد الكتّاب، لوقف هذا الهدر وهذا النزيف، وهذا التخريف والتحريف، لأن ما يفعله سراق الفكر هو في حد ذاته هدم للصرح الثقافي في بلادنا التي استطاعت خلال فكرة وجيزة أن تتبوأ مكانة عالية بين الأمم، وأن تحقق مشروعاً ثقافياً رائداً لا نريد لهؤلاء العبثيين أن يتسلقوا وأن يحققوا أمجادهم على حساب الغير. لا نريد لهذا العزف الرديء أن يختلط بالأثير الصافي الذي بنته الدولة، ولا نريد للمخربين أن يستسهلوا العملية الإبداعية، وأن ينبشوا في بطون كتب غيرهم، ليمدوا أيديهم إلى ما ليس لهم. هذه جريمة وكل من يرتكبها مجرم، يستحق العقاب الصارم الجازم، لكي نحافظ على نظافة ثقافتنا ونقاء ساحتنا الإبداعية، وننبذ الأنصاف والمتطفلين والمتسلقين والانتهازيين والوصوليين من لمس ما يجتهد غيرهم من أجله، وما يبذله سواهم من تعب وسهر الليالي.. علينا جميعاً أن نقف في وجه تيار اعتنق اللصوصية وسيلة، والانتفاع من قدرات الآخرين حيلة.. واجبنا جميعاً أن نضع حداً وسداً وصداً لهذا السيل من الغرف اللامشروع من منابع الآخرين، وأن نمنع بكل حزم التعدي على حقوق الآخرين. فالإبداع قيمة أخلاقية قبل أي شيء، والإبداع شيمة إنسانية تتجاوز حدود الأغراض الأنانية.
المصدر: الاتحاد