أكد صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، أنه يعد لكتاب جديد بعنوان «الشارقة من الحماية إلى الاستعمار»، يتحدث فيه عن الشارقة والأحداث التي مرت بها خلال هذه الفترة، والمقصود هنا بالحماية «البريطانية» التي أصبحت استعماراً.
ويتناول الكتاب أحداث 1946، إبان الحرب العالمية.
قال سموّه في مداخلة هاتفية مطولة، عبر برنامج «الخط المباشر»، مع الإعلامي محمد خلف مدير الإذاعة والتلفزيون: الكتاب يستعرض وجود الأمريكان في الشارقة، بجيش وقوة عسكرية كاملة، ووجود الإنجليز في «برّ فارس» حيث كانوا يطلقون عليهم اسم «المقيم البريطاني»، وكذلك المشكلات التي حدثت بين الإيرانيين والبريطانيين، والمحطة التجارية التي تحولت قاعدة عسكرية، وغيرها الكثير من المعلومات والأحداث.
وتحدث سموّه عن أسواق الشارقة ونشأتها، وأسمائها، وقال إن أول سوق في الشارقة، هو سوق العرصة.
وقال سموّه: في بداية تكوين الشارقة كان فيها سوق العرصة، وهو أقدم أسواق الإمارة، وكانت البلدة حينها في هذا المكان، وكان بيت الشامسي، هو بيت الحكم، وباقي الشارقة «فرجان»، وهذا ما ذكرته في أحد كتبي، وكان السوق مقبّباً (مكوّن من قباب)، وعندما بدأنا الحفر للعمل والتطوير، تبين لنا أن الأساسات متلاصقة وقريبة جدا من المحلات الموجودة، ولكننا لم نستطع التغيير فيه، فتركناه كما هو، وسقفناه. وكانت الأرض كلها خالية من بعد سوق صقر، وهناك بوابتان، إحداهما إلى الجنوب والأخرى إلى الشمال، وللبوابة قضيب حديدي من العتبة العليا إلى العتبة السفلى، كي لا تدخل الجمال أو السيارات. وكان للسوق بوابات جانبية، ومنها باب إلى البحر، وجميعها تقفل ليلاً، وكان لها حراس. وبعد هذه المنطقة كان هناك أرض خالية، وعند باب سوق صقر يوجد بيت الشيخ سالم بن سلطان حاكم الشارقة، رحمه الله، وهو بيته الكبير الذي ورثته بناته، وكانت البقعة المجاورة لبيت الشيخ من ناحية البحر خالية.
وكانت تباع فيها الجمال والفحم، ويأتي البدو إلى هذه المنطقة، وفيها مسجد يسمى «مسجد المطاوعة». وكانوا يسموّنها «عرصة الفحم»، وبنيت فيها الدكاكين، وأصبحت شبيهة بسوق صقر. وكان للشيخ ماجد بن صقر، أخ الشيخ سلطان، كرسي يجلس عليه، ويذهب إليه الناس لعرض خلافاتهم، وكان ذلك غير القضاء والقصاص. وفي القضاء، بعد صدور الحكم، يحوّل إلى الشيخ، موضحاً فيه القصاص، سواء بقطع اليد أو الجلد أو غيرهما من الأحكام. كان القاضي يصدر الحكم والشيخ ينفذه. أما الشيخ ماجد، فكانت تعرض أمامه المشكلات الصغيرة.
وباتجاه سوق العرصة، كان هناك سوق معروف باسم «سوق الشناصية»، له رواق من الجهتين، والتسمية نسبة إلى «شناص»، والمقصود بها الموجودة في برّ فارس، وليس الموجودة في سلطنة عمان، والذين افتتحوا هذا السوق، الشناصية التابعون للشيخ سلطان المرزوقي. وكان لا يزيد على 7 دكاكين متجاورة، يبيعون فيها «الحصر» و«المزماه – الجفير» و«الحبال»، وغيرها من الأشياء المشابهة، والمصنوعة من «الغضف»، وهو شبيه بالنخل، ولكن أشدّ قوة. وبعد هذه المنطقة في السوق نفسه، كان يوجد شناصية آخرون يبيعون حطب البناء. وبعد هذه المنطقة باتجاه الجنوب، كان يقع سوق التمر، ثم سوق «الصفارين»، ثم سوق السمك واللحم، ثم مسجد الجامعة، ثم السوق المسقوف، وهو قديم، ولكن ليس بقدم «العرصة»، وكلمة «العرصة» عربية، وتدل على مجموعة دكاكين في شكل مربع وتطل على فناء، والعَرَصات تعني الساحات، وهذه ساحة، وكانت السيارات في الشارقة قديما لا تصل إلى البحر، وفي الاتجاه ناحية الشرق بعد بوابة سوق صقر، وهو ساحة خالية، تابعة لبيت السركال، مطلة على البحر، وتنزل السفن فيها البضائع، ونحن الآن نعمل على إعادة هذا المكان، حيث إننا عوضنا هذه البقعة وأعدنا الساحة كما كانت. وستُزال العمارات الموجودة فيها، قريباً. وبعد ذلك سنفتح الطريق إلى البحر، وسنعيد الذكرى القديمة لهذه المنطقة.
ردم البحر
وأضاف صاحب السموّ حاكم الشارقة: بعد هذه الفترة اشترى الشيخ محمد بن صقر بيت السركال، وكان الوالد رحمه الله تاجراً، وكان البيت قريباً من البحر، فقام بردم البحر، وبنى هذه الدكاكين، وأنشأ سوقا، وهو حديث، ليس كالأسواق التي ذكرناها، ويمتد من بيت السركال إلى ناحية الغرب، وكان في هذه المنطقة مخازن، ففتحها الوالد، وأنشأ فيها دكاكين، وأضاف أخرى، وما زلت أذكر أيام بناء بعضها.
وأشار سموّه إلى كتابه القادم قائلاً: سيحتوي كتابي القادم، على تفصيل عن الخور، وكيف ردم. وقال: كان الناس في السابق يبنون من الحجر، ويأتون به من طنب الكبرى، ولا يبني به إلا الأغنياء، أما غير المقتدر فكان يبني بحصى البحر، وهو نوعان: حجر مرجاني والآخر الطبقة المتكونة على الأرض. وكان الأغنياء يستخدمون في البناء «جبس اللوغري» ويحضرونه من إيران، ويماثل الأسمنت في القوة. وكان هناك نوع آخر من الجبس ضعيف ومتأثر بالملح، وهو الذي تبنى به بيوت الفقراء.
تطوّر المستوى المعيشي
كانت هذه الأمور تحدث عندما بدأ مستوى الناس المعيشي يتطوّر، وهذه التغييرات منذ زمن قريب، وفي وقتها ذهب الناس إلى البحر وقلعوا الحصى، ومياه البحر تمشي باتجاه الشاطئ في كتلة واحدة، فإذا علا الأمواج اللون الأبيض، فهذا يعني أن هناك كسراً في الموجة من القاع، وإذا لم تكسر، فستأتي الموجة كاملة وكبيرة خضراء، والذي حدث هو أن الموج ذهب إلى البر الآخر «الشوش»، فخرجت الأمواج، ما أدى إلى انجراف التراب في الخور، ومن هنا بدأ الخور في الدفن، وكان ذلك في عهد الشيخ صقر بن سلطان، رحمه الله، فانتبهوا إلى ذلك، فأمرهم بأن يأتوا بالقمامة ويضعوها هناك، للإمساك بالأرض، ولكن دون جدوى، فوضعوا أجزاء من الأشجار والحصى في الخور، معتقدين أن المياه ستجرفه، بينما الذي حدث هو العكس، حيث دفنته المياه أكثر، إذ لم تكن الوسائل الحديثة موجودة، وكان الشيخ سلطان بن صقر، يريد أن يحفر الخور، فأنشأ مشروعاً أطلق عليه «استثمار»، وكان استثمارا جيدا في الشارقة، أن يقوم بحفر الخور. وسيحتوي كتابي القادم جميع هذه التفاصيل. وهو كتاب بعنوان «الشارقة من الحماية إلى الاستعمار»، يشرح الكثير عن الشارقة والأحداث التي مرت بها خلال هذه الفترة، والمقصود هنا بالحماية هي «البريطانية» التي أصبحت استعمارا، ويتناول أحداث 1946، إبان الحرب العالمية، ويستعرض الكتاب كذلك نزول الأمريكان في الشارقة، بجيش وقوة عسكرية كاملة، ووجود الإنجليز في «بر فارس» حيث كانوا يطلقون عليهم اسم«المقيم البريطاني»، وكذلك المشكلات بين الإيراني والبريطاني، والمحطة التجارية التي تحولت قاعدة عسكرية، وغيرها الكثير من المعلومات والأحداث.
رصد العائلات
وقال سموّه: أعمل لتنفيذ مشروع لأهلي وأرحامي، علماً بأن أهل الشارقة جميعهم أرحامي، ودخلت معظم بيوت الشارقة، وأعلم أهلهم جيدا بالأسماء، والمشروع هو رصد لجميع عائلات الشارقة.
وتحدث سموّه عن أقدم «الفرجان» في الشارقة ومنها «فريج بو كندر»، وأسمائها ومعانيها. وتحدث عن سبب تسمية بعض القبائل في الشارقة، مؤكداً أن العوائل في الشارقة لا بدّ من توثيقها، وأن سموّه دائماً يبحث في هذا الشأن. وقال إنه يتذكر جميع هذه المعلومات، لأنه عاشق للبلد وفيها جميع المعطيات وهي حاضرة.
المصدر: الخليج