بعزيمة قوية استطاعت سمر مسعد أن تحول مأساتها إلى حافز قوي لمساعدة نفسها وغيرها من الفتيات والسيدات اللاتي يعانين حالتها نفسها، لتتحول إلى واحدة من صنّاع الأمل الذين كشفت عن وجودهم وجهودهم مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي.
معاناة المصرية سمر بدأت عام 2011، عندما اعتدى زوجها السابق عليها بمادة حارقة، ما أدى إلى تشوه وجهها بالكامل، وفقدان العين اليمني بالجفون المحيطة بها، وتسبب في عجز بالنظر بنسبة 90% نظراً إلى أن العين الثانية تأثرت أيضاً بالمادة الحارقة.
دراما «سلبية»
انتقدت سمر مسعد الطريقة السلبية التي تتناول بها الدراما حوادث الاعتداء بالمواد الحارقة، حيث تساعد على انتشار هذه الحوادث، وتسلط الضوء عليها باعتبارها وسيلة انتقام أقل كلفة وأكثر تدميراً، إذ تتسبب في تشوهات كبيرة للضحية يصعب علاجها، وتؤدي إلى تدميرها نفسياً، ورفض المجتمع لها، وفقدانها وظيفتها وعلاقاتها الاجتماعية، لتعيش شبه منعزلة عن العالم.
27
جراحة أُجريت لسمر مسعد، ولم يكتمل علاجها بعد.
رغم صعوبة الحالة المرضية وضعف الإمكانات المادية، استطاعت سمر أن تقطع مشواراً طويلاً في العلاج، إذ أجرت حتى الآن 27 جراحة ولم يكتمل علاجها بعد، بحسب ما ذكرت سمر لـ«الإمارات اليوم»، مضيفة: «واجهت العديد من الصعوبات، إذ فقدت عملي، ورفض معظم الجمعيات الخيرية المساعدة في علاجي، لأن الجمعيات غير المتخصصة في علاج الحروق تصنف علاج الحروق والإصابات المشابهة بعمليات تجميل، ولذلك اضطررت إلى العمل لاستكمال العلاج، بعد أن أنفقت أسرتي كل ما تملك من مال، أيضاً واجهت صعوبة في العثور على العلاج الصحيح وأطباء لديهم الخبرة الكافية لإجراء الجراحات التي احتاج إليها، إذ مررت بجراحات خاطئة وعمليات تجريب، من بينها جراحة لتركيب رقعة للعين المصابة، تسببت في التهاب العين، بعدما أجريت بطريقة خاطئة، وكان يمكن أن تسبب إصابة بخراج في المخ والوفاة».
وتكمل: «هذه المعاناة دفعتني إلى محاولة تقديم المساعدة للفتيات والسيدات اللاتي تعرضن لظروفي نفسها، وكانت مشاركتي في مبادرة (صناع الأمل) وسيلة للفت الأنظار إلى هذه القضية المؤلمة».
رحلة علاج
تواصلت سمر مع بعض الجمعيات الخيرية لمساندتها، وبالفعل استجابت لها جمعية «دار البر»، التي وفرت لها فرصة السفر إلى تايلاند وإجراء خمس عمليات جراحية هناك، كما قامت الدكتورة، أشواق الهاشمي، في مركز «أمنيتي لنحت الأعضاء الصناعية» بتركيب عين اصطناعية لها.
خلال رحلة علاجها حاولت سمر مسعد التواصل مع حالات مماثلة للاستفادة من خبراتها في العلاج، فتعرفت إلى فتاة أخرى تعرضت للاعتداء نفسه، لكن إصابتها أكبر، ولم تتلقَّ علاجات مناسبة، فكانت تعرض حالة الفتاة على الأطباء الذين تتردد عليهم في محاولة لمساعدتها على العلاج، ومع الوقت بدأت تتواصل مع المزيد من الحالات من خلال الظهور في برامج تلفزيونية بهدف تسليط الضوء على هذه القضية، واكتشفت أن هناك فتيات يعانين من الاعتداء نفسه وما نتج عنه من إصابات بليغة، زاد من صعوبتها عدم تلقيهن العلاج اللازم بسبب الفقر وطول فترة العلاج.
5 حالات
تحاول سمر مسعد حالياً مساعدة الحالات التي تتواصل معها، وعددها خمس، بعضها يعاني من عمى كامل، من بينها حالة لأم وطفلتها التي تبلغ من العمر 12 عاماً، وكذلك حالة سناء التي تسعى سمر لتوفير العلاج لها من خلال التعاون مع أطباء ومراكز في دبي، من بينها «مركز كوكونا لجراحات التجميل»، والدكتور موهان راجنسوامي ومستشفى الأكاديمية الأميركية لجراحات التجميل، والدكتورة أشواق الهاشمي بمركز «أمنيتي لنحت الأعضاء الصناعية».
وأوضحت أنها تعتمد في علاج تلك الحالات على جمع التبرعات من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصاً الـ«فيس بوك»، أو من خلال التواصل مع جمعيات ومراكز طبية مختلفة، وتحرص على إطلاع المتابعين لصفحتها على تطور علاج الحالات بعرض صور للجراحات وما تم إنجازه، لافتة إلى أنها لا تستطيع تأسيس جمعية أو مؤسسة لمساعدة هذه الحالات، لصعوبة وكثرة الإجراءات التي يتطلبها ذلك.
وأعربت سمر عن أملها أن يكون هناك حراك حكومي في الدول العربية لمساعدة ضحايا حوادث الاعتداء بالمواد الحارقة والحروق بوجه عام، خصوصاً في ظل تزايد هذه الحالات، وصعوبة الإصابات التي تنتج عنها، كما أنها غالباً ما تحدث في الفئات الاجتماعية الأقل حظاً من التعليم والمستوى المادي. ودعت إلى تشديد العقوبة على من يرتكب هذه الجريمة، ووضع قيود على بيع المواد التي تستخدم في هذا النوع من الاعتداء.
المصدر: الإمارات اليوم