كاتب إماراتي
بعض المدن والجزر التي يكون لها ذكر في التاريخ القديم، تظلمها الجغرافيا في وقتها الراهن ويتناساها التاريخ، منها هذه الأماكن العربية التي كانت لها شَنّة ورَنّة في الماضي، وغابت في الحاضر، جزيرة سُقَطّرى، وهي أرخبيل مكون من ست جزر، في المحيط الهندي، مساحتها تقريباً 3800كم مربع، وطول شواطئها 300 كم، وسكانها يربون على 175 ألف نسمة، كانت قديماً تسمى جزر السعادة، وتعد من الأماكن المقدسة لأنها تصدر العطور والبخور واللبان، والتي كانت تستخدم في المعابد ودور العبادة، وكانت مرتبطة بطقوس السحر والصلوات عند الشعوب المختلفة، موقعها قبالة القرن الأفريقي، وعلى خاصرة الجزيرة العربية أعطاها موقعاً استراتيجياً مميزاً للمرور والعبور وتبادل التجارة والبضائع، إضافة إلى ما تميز به سكانها من روح المغامرة والأسفار.
اليوم وخلال زمن النسيان لهذا الأرخبيل العربي، وتجاهل من جانب الكثير من الدول العربية التي تشكو نفسها لنفسها أو تشكو مسؤوليها لما حلّ بها وبالمساعدات التي تقدم لها بين ما هو متصرف لمتطلبات شخصية «ضرورية»، وما هو متصرف للأمور العامة «الثانوية»، تقوّم الإمارات متبرعة، ووفق نهج عربي وقومي وأخلاقي وديني تجاه «سُقَطرى» وسكانها منذ سنوات ببث روح جديدة فيها من خلال المساعدات الإنسانية المختلفة، وجهود النماء والعمران في المرافق العامة التي تفتقر لأهم المقومات في هذا الأرخبيل العربي، فقامت ببناء مستشفى ومستوصفات ومراكز طبية ميدانية لتقديم أهم ما يخص الإنسان، وهي صحته وسلامته، وتقديم الأمور التي تخص التعليم الذي يكاد يكون مفتقراً وبل معدوماً في بعض المناطق، ومتعثراً في مناطق أخرى، فالصحة والتعليم هي الركائز الأولى لبناء إنسان هذه الجزيرة، وقد تخطت الإمارات بشكل عام نهج الإعانة والإغاثة وتقديم المنح والمساعدات والتقدمات الإنسانية، فبعد إن كانت تذهب لغير وجهتها الصحيحة، وتستقر في أيد غير أمينة، وتتم المتاجرة بهذه الإعانات، عرفت الإمارات من خلال الجمعيات الخيرية والهلال الأحمر والجهات المانحة في الدولة أن تضعها تحت مظلة واحدة، وتذهب بالاتجاه الصحيح والمباشر للمستحقين في كافة البلدان.
واليوم.. نحن نتحدث فقط عن سقطرى التي قدمت لها الإمارات خلال الخمس سنوات المنصرمة ما يزيد على 110 ملايين دولار كمساعدات تراها واجبة عليها نحو الأخ والصديق، ونحو جزر لا يليق بها ولا بسمعتها التاريخية النسيان، فالإمارات إن طورت المطار البسيط الذي فيها أو حسنت من أداء ميناءها أو بنت جامعة أو ابتعثت طلاب سقطرى النجباء إلى الخارج أو قدمت الأشياء الضرورية كبناء مولدات ومحطات كهرباء، يعني أننا بالمقابل نريد شيئاً، فليس كل خير وجميل والوقوف مع الأخ والصديق يحتاج أن يترجم إلى قبض مادي في اليد، فالخير للأفواه والأبواق التي تتكتم عن فعل الخيرات، وتمنع فعل الخيرات أن تصمت حين تقوم الإمارات وتسعى لفعل الخيرات دون مِنّة ولا أذى ولا طلب حمد.
المصدر: الاتحاد